للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنا وجدنا الفلاسفة المتقدمين في الحكمة، المحيطين بالأمور معرفة، ذكروا أن أصول الآداب التي منها يتفرع العلم لذوي الألباب أربعة: فمنها النجوم وبروجها، وحسابها الذي يعرف به الأوقات والأزمنة، وعليها مزاج الطبائع وأيام السنة.

ومنها الهندسة وما اتصل بها من المساحة والوزن والتقدير، وما أشبه ذلك.

ومنها الكيمياء والطب اللذان بهما صلاح المعاش وقوام الأبدان، وعلاج الأسقام، وما يتشعب من ذلك.

ومنها اللحون ومعرفة أجزائها وقسمها، ومقاطعها ومخارجها ووزنها، حتى يستوي على الإيقاع ويدخل في الوتر وغير ذلك مما اقتصرنا من ذكره على أسمائه وجمله، اجتناباً للتطويل، وتوخياً للاختصار. وقصدنا للأمر الذي إليه انتهينا، وإياه أردنا. والله الموفق وهو المستعان.

ولم يزل أهل كل علم فيما خلا من الأزمنة يركبون منهاجه، ويسلكون طريقه، ويعرفون غامضه، ويسهلون سبيل المعرفة بدلائله، خلا الغناء، فإنهم لم يكونوا عرفوا علله وأسبابه ووزنه وتصاريفه، وكان علمهم به على الهاجس وعلى ما يسمعون من الفارسية والهندية

<<  <  ج: ص:  >  >>