للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجدنا لكل دهر دولة للمغنين يحملون الغناء عنهم، ويطارحون به فتيان زمانهم، وجواري عصرهم. وكان يكون في كل وقت من الأوقات قوم يتنادمون، ويستحسنون الغناء، ويميزون رديه من جيده، وصوابه من خطائه، ويجمعون إلى ذلك محاسن كثيرة في آدابهم وأخلاقهم، وروائهم وهيئاتهم، فلم نجد هذه الطبقة ذكروا. ووجدنا ذكر الغناء وأهله باقياً.

وخصصنا في أيامنا وزماننا بفتية أشراف، وخلان نظاف، انتظم لهم من آلات الفتوة وأسباب المروءة ما كان محجوباً عن غيرهم، معدوماً من سواهم، فحملني الكلف والمودة لهم والسرور بتخليد فخرهم وتشييد ذكرهم والحرص على تقويم أود ذي الأود منهم حتى يلحق بأهل الكمال في صناعته، والفضل في معرفته، على تمييز طبقة طبقة منهم، وتسمية أهل كل طبقة بأوصافهم، وآلاتهم وأدواتهم، والمذاهب التي نسبوا إليها أنفسهم، واحتملهم إخوانهم عليها. وخلطنا جداً بهزل، ومزجنا تقريعاً بتعريض، ولم نرد بأحد مما سمينا سوءاً، ولا تعمدنا نقداً ولا تجاوزنا حداً.

ولو استعملنا غير الصدق لفضلنا قوماً وحابينا آخرين. ولم نفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>