وحدّثنى الزيادىّ قال: قالت امرأة: مررت بالبادية فرأيت أبياتا، فقصدتها فقامت امرأة هنا لك، وإذا نسوة يتضاحكن، فقلت: ما يضحككن؟ قلن:
هذه التى توارت مىّ صاحبة ذى الرمّة. قالت: فقلت: فقد والله كنت أشتهى أن أراها، فالآن لا أبرح حتى أراها، فدعونها فلم تجبهنّ، فأقسمن عليها فخرجت وهى تقول: شهّرنى غيلان شهّره الله. فلم أكبرها حين «١» رأيتها، فلما تكلّمت ورأيت فصاحتها علمت أن ذا الرمّة قصّر فى وصفها.
وحدّثنى علىّ بن القاسم قال: قلت لأعرابى فصيح: ما معنى قولهم فى المثل:
«كاد العروس أن تكون أميرا «٢» » لم كاد ذاك؟ قال: لأن الأكفاء يخدمونها فى تلك الحال. ومن أمثالهم- روى ذلك أبو عبيدة- أن إبليس تصوّر لابنة الخسّ «٣» فقال لها: أسألك أو تسأليننى؟ فقالت له: سل، قال لها: كاد، فقالت:
«كاد النعام أن يطير» ، فقال لها: كاد، قالت:«كاد المنتعل أن يكون راكبا» . قال لها:
كاد، قالت:«كاد العروس يكون أميرا «٤» » . ثم قال لها: سلينى، قالت: عجبت، قال: من الحجارة لا يشيب صغيرها ولا يهرم كبيرها، قالت: عجبت، قال: من السّبخة لا يجفّ ثراها ولا ينبت مرعاها، قالت: عجبت، قال: من حرك لا يبلغ حفره، ولا يدرك قعره، قالت: اعزب عليك لعنة الله. ويروى أن ابنة الخسّ كانت بليغة فصيحة.