للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأبت أن تخبر به، فقالت لزينب بنت سليمان بن علىّ: ما ترين؟ فقالت: تدخل فإنه لا بدّ من فائدة أو ثواب. فأذنت لها، فدخلت، فقالت: أنا مارية امرأة مروان ابن محمد الأموى، فقالت زينب: أأنت مارية؟ فلا حياك الله! والحمد لله الذى أدال منك، أما تذكرين يا عدوّة الله حيث أتاك عجائز قومى وأهل بيتى يسألونك مسألة صاحبك فى دم إبراهيم الإمام فوثبت عليهنّ وأسمعت ما أسمعت، وأمرت بإخراجهنّ! قال: فضحكت مارية، فلا ينسى حسن ثغرها وعلوّ صوتها بالقهقهة.

ثم قالت أيا بنة عمّ، أى شىء أعجبك من صنع الله بى على العقوق حتى أردت أن تتأسّى بى! فهبينى أنى فعلت بنساء قومك ما فعلت ثم ساقنى الله خاضعة ذليلة عريانة، فكان هذا مقدار شكرك لله على ما أولاك فىّ. ثم ولّت وقالت: السلام عليكنّ، فقالت الخيزران: ليس هذا لك عافاك الله! علىّ استأذنت، وإيّاى قصدت فارجعى! فقالت: نعم، وإن مما يردّنى الجوع والضّرّ. فدعت الخيزران بالخلع لها ثم قالت: افرشوا لها المقصورة الفلانية، وقالت: والله لا يفرّق بيننا إلا الموت. فما فرّق بينهما إلّا الموت.

ونمى إلىّ من ناحية زبير قال: اعترض رجل من بنى أميّة يحيى بن خالد البرمكى، فقال: ما حاجتك؟ قال: حاجتى أن توصلنى إلى أمير المؤمنين الرشيد- وعرّفه نفسه- فقال له: إن أمير المؤمنين يكره أهل هذا البيت، فإن كانت لك حاجة كنت لك فيما تريده دون أمير المؤمنين، قال: ما بى حاجة إلى غيره، وهذه حاجتى إليك.

فدخل إليه يحيى فصادفه طيّب النفس، فقال: يا أمير المؤمنين إن لى حاجة، فقال له: قل يا أبا على، فأخبره بقصّة الأموىّ. فقال: ما أكره ذلك، فأتى به فسلّم عليه ودعا فأحسن، ثم أنشأ يقول:

<<  <   >  >>