للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأى خلّتى من حيث يخفى مكانها ... فكانت قذى عينيه حتى تجلّت

إذا استقبلت منه المودّة أقبلت ... وإن غمزت منه القناة اكفهرّت

وقال آخر «١» :

شكرتك إنّ الشكر منّى سجيّة ... وما كلّ من أوليته نعمة يقضى

ونبّهت من ذكرى وما كان خاملا ... ولكنّ بعض الذكر أنبه من بعض

وقال آخر:

جلّت أياديك عن الذكر ... فحار فى معقولها شكرى

ما تنقضى منك يد ثيّب ... حتى تثنّى بيد بكر

فالشكر فى عرفك مستهلك ... كقطرة فى لجّة البحر

لم يعف معروفك عندى ولا ... يعفو إلى المبعث والحشر

وشكر أعرابى رجلا فقال: ذاك من شجر لا يخلف ثمره، ومن ماء لا يخاف كدره. وشكر آخر رجلا فقال: الحمد لله على توفيقه إيّاك فى إعطائى، وعلى توفيقه إيّاى فى مسألة مثلك، أعاشك الله صالحا. وقال بعض الحكماء: الشكر بالغ ما بلغ أدقّ من الصنيعة كائنة ما كانت، لأن الشكر فرع من فروع الصنيعة، ولها وعنها كان، ولولا الصنيعة لم يكن شكر.

قد أردنا أن نصل كتابنا بما شرطناه على أنفسنا من ذكر ما ينتفع به من يأخذه عنّا، وينشره من ينسبه إلينا، وقد أتينا منه بعض ما أردنا وقصدنا، وكرهنا الإطالة، وخفنا على قارئه السآمة، وأشفقنا أن يبلغ به حدّ المجاوزة، فإن الإكثار سرف «٢» ، كما أن التقصير عجز. ويروى عن بعض الحكماء أنه قال: من أطال الحديث عرّض أصحابه للسآمة وسوء الاستماع.

<<  <   >  >>