للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ"١. وَلَا يَعُوذُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَيْرِ اللَّهِ. وَكَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ" ٢. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَنَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ نُغْتَالَ مِنْ تَحْتِنَا" ٣. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ"٤.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: الِاسْمُ عَيْنُ الْمُسَمَّى أَوْ غَيْرُهُ؟ وَطَالَمَا غَلِطَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، وَجَهِلُوا الصَّوَابَ فِيهِ؛ فَالِاسْمُ يُرَادُ بِهِ الْمُسَمَّى تارة، [و] يراد بِهِ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ أُخْرَى، فَإِذَا قُلْتَ: قَالَ اللَّهُ كَذَا، أَوْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ, فَهَذَا الْمُرَادُ بِهِ الْمُسَمَّى نَفْسُهُ، وَإِذَا قُلْتَ: اللَّهُ اسْمٌ عَرَبِيٌّ، وَالرَّحْمَنُ اسم عربي، والرحيم مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوَ ذَلِكَ, فَالِاسْمُ ها هنا [هو المراد لا] المسمى، وَلَا يُقَالُ غَيْرُهُ، لِمَا فِي لَفْظِ الْغَيْرِ مِنَ الْإِجْمَالِ. فَإِنْ أُرِيدَ بِالْمُغَايَرَةِ أَنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ الْمَعْنَى فَحَقٌّ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَانَ وَلَا اسْمَ لَهُ، حَتَّى خَلَقَ لِنَفْسِهِ أَسْمَاءً، أَوْ حَتَّى سَمَّاهُ خَلْقُهُ بِأَسْمَاءٍ مِنْ صُنْعِهِمْ, فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الضَّلَالِ وَالْإِلْحَادِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: مَا زَالَ بِصِفَاتِهِ قَدِيمًا قَبْلَ خَلْقِهِ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ, فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ تَعَالَى صَارَ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَيْهِ؛ لِكَوْنِهِ صَارَ الْفِعْلُ وَالْكَلَامُ مُمْكِنًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُمْتَنِعًا، وَأَنَّهُ انْقَلَبَ مِنَ الِامْتِنَاعِ الذَّاتِيِّ إلى الإمكان الذاتي! وعليّ بن كُلَّابٍ وَالْأَشْعَرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الفعل صار ممكنا له بعد أن


١ صحيح: أخرجه مسلم "٢٧٠٨"، وأبو داود "٣٨٩٨ و٣٨٩٩" وغيره، وسنده صحيح.
٢ رواه مسلم وغيره، وهو من أدعية السجود.
٣ صحيح، أخرجه أبو داود "٥٠٧٤" وأحمد "٢/ ٥٢" بسند صحيح، وهو من أدعية الصباح والمساء.
٤ ضعيف، رواه ابن إسحاق بسند ضعيف معضل, وقد رواه بعضهم عنه بإسناده موصولا، لكن فيه عنعنته، وهو مخرج في "تخريج فقه السيرة" "ص١٣٢"، وفي "الضعيفة" "٢٩٣٣".

<<  <   >  >>