قال: فهذا كلام لا يفهم منه أن الضرس حقيقة ولا مجازا ولا من طريق المفهوم، بل هو شيء يحدس ويحزر، والخواطر تختلف في الإسراع والإبطاء عند عثورها عليه١.
أقول: هذا يلزم عليه أن يكون كلام الزنجي إذا تعاطى العربي حزر معناه من باب الأحاجي والألغاز، والصحيح أن يقال عوض هذا: هو كل معنى يستخرج لا بدلالة اللفظ عليه حقيقة ولا مجازا ولا تعريضا، بل بالحدس من صفة أو من صفات تنبه عليه.
وعلى هذا فالضرس إنما عرف من هذا الشعر حدسا من مجموع هذه الصفات، وهي كونه صاحبا لا تمثل صحبته، وأنه يسعى لينتفع به الإنسان، وأن الإنسان لا يراه، فإذا رأه فقط افترقا فراق الأبد، ومجموع هذه الصفات ليست إلا للضرس، فتنبه الذهن من هذه الصفات والخصائص على مراد الملغز.
١٣١- قال المصنف: ومن الحذاقة في هذه الصناعة أن تجعل التحميدات في أوائل الكتب السلطانية مناسبة لمعاني تلك الكتب، قال: ووجدت أبا إسحاق الصابي على تقدمه في فن الكتابة في فتح بغداد وهزيمة الأتراك عنها الذي أوله "الحمد لله رب العالمين الملك الحق" ثم ذكر منه نحو عشرة أسطر سنذكرها في الجواب عن كلامه، ثم قال: وهذه التحميدة لا تناسب هذا الكتاب، ولكنها