للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تصلح أن توضع في صدر كتاب مصنفات أصول الدين كالشامل للجويني أو الاقتصار للغزالي أو ما جرى مجراهما، فأما في كتاب فتح فلا١.

أقول: إن إبا إسحاق رحمه الله لم يخل هذه التحميدة من الإشارة إلى معنى الكتاب الذي هو مغزاه ومقصده، وذلك أن هذا الكتاب كتب في انتصار عضد الدولة أبي شجاع وعز الدولة أبي منصور على الأتراك الذين ترأس عليهم سبكتكين الحاجب الذي كان أمير جيوش معز الدولة أبي الحسين وعز الدولة أبي منصور بعده، وهما سلطانا الحضرة ببغداد، وكان مع هؤلاء الأتراك الطائع لله الخليفة العباسي والمطيع لله والفتكين القائد الجليل المشهور بالشجاعة بين الأتراك٢ وبأيديهم بغداد وأعمالها، فإن عضد الدولة وعز الدولة تضافرا على المسير إلى هؤلاء من فارس والأهواز، وصدها الأتراك صدمة عظيمة فطحنوهم، وانحاز الطائع لله إلى تكريت متحصنا بالقلعة، وطار الأتراك وهم زيادة على عشرة آلاف فارس إلى الشام ومصر، ودخل عضد الدولة ومعز الدولة إلى مدينة الشام، واستقر على سرير المملكة، بعد أن وقع اليأس من ذلك.

فقول أبي إسحاق الصابي: "الأبدي بلا انتهاء" وقوله: "الدائم لا إلى أجل معدود" وقوله: "لا تخلقه العصور، ولا تغيره الدهور" وقوله: "لا تزاحمه مناكب القرناء، ولا تحاذيه أقدام النظراء" وقوله: "الصمد الذي لا كفء له،


١ المثل السائر: ٣/ ١٠٨.
٢ ذكر ابن كثير في البداية والنهاية ١١/ ٢٧٧ أن الأتراك التفوا حول أمير يقال له الفتكين.

<<  <   >  >>