للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والفذ الذي لا توءم له" وقوله: "الحي الذي لا تختزمه منون، والقيوم الذي لا تشغله الشئون" وقوله: "القدير الذي لا تئوده المعضلات، والخبير الذي لا تعيبه المشكلات" كل ذلك إشارة إلى أن الملك ليس إلا لله تعالى، وأن ملك البشر لا حقيقة له، لسرعة زواله وانقضائه، وأن كل أحد من ملوك الأرض وإن عظم شأنه وقهر الملوك سلطانه يزول سريعا، وينقضي وشيكا، فهؤلاء الملوك الذين طحنهم الدهر بكلكله في هذه الواقعة فإن منهم من مات كالمطيع لله، وسبكتكين وهما خليفة وملك ماتا في الطريق قبل الواقعة، ومنهم من فر ولاذ بالمعاقل، ونحصن خوفا على نفسه كالطائع، ومنهم من حمله الرعب على أن صار برعيه، وسوقة تحت أيدي ملوك أخر كالفتكين، فإنه لم يبن وجهه إلا بمصر، وصار من جملة رعية العزيز نزارين معد صاحبها، ومنهم من تشرد في البلاد، وفارق الأموال والأولاد، كالأتراك، فجميع ما أوما إليه الصابئ ملائم للواقعة التي كتب هذا الكتاب فيها، وغير خارج عن مقصدها ومغزاها.

والعجب قوله ينبغي أن تكون هذه التحميده في صدر كتاب من أصول الدين كالشامل للجويني والاقتصار للغزالي، وأين الاقتصار من الشامل حتى يجمع بينهما في التمثيل، والاقصتار مقدمة في نحو خمسة كراريس، والشامل كتاب كبير في أكثر من خمسة مجلدات؟.

وهذا مثل أن يقال: هذا ينبغي أن يكون في كتاب فقهي كالبغية لأبي إسحاق الشيرازي أو الحاوي للماوردي، ومثل أن يقال: هذا ينبغي أن يكون في كتاب نحوي كاللمع لابن جني أو شرح سيبويه للسيرافي، ومثل أن يقال:

<<  <   >  >>