ونحن فما عرضنا إلا الفرق بين مقصدي النوعين، وقد اتضح.
فأما قوله قد يكتب كاتب الإخوانيات، ويذكر فيها الحنين والشوق، فهي في المنثور كالنسيب في المنظوم، فيقال له إن القصائد التي وضعت للمدح يستحب أن يكون أولها نسيبا وغزلا، وهكذا وجدنا كتابا في فتح أو استنجاد أو تعريض أو تخذيل في صدره رسالة إخوانية تتضمن الحنين والبكاء وذكر الآثار والديار، فيكفي أبا إسحاق في الفرق بينهما هذا القدر فقط، فإن ذلك من أدل الدلائل على أن الشعر في الأصل موضوع لهذا المعنى، والاجتداء والطلب، فلذلك لم يحتج أحدهما للآخر، وجعل منه الرسائل بخلاف ذلك.
١٣٧- قال المصنف: فهذه الفروق كلها ضعيفة، والذي عندي أن الفرق بين النوعين من ثلاثة أوجه:
أحدها أن هذا منظوم، وذاك منثور، والآخر أن من الألفاظ ألفاظا لا يحسن استعمالها في الكتابة ويحسن في الشعر، كبعض الألفاظ العربية.
والثالث أن الشاعر إذا أطال في شرح معان متعددة واحتاج أن يأتي بمائتي بيت أو أكثر فإنه لا يحتذي في الجميع، بل في الأول، والكاتب لا يأتي من ذلك جميعه١.
أقول: قد بينا أن إسحاق الصابي لم يتعرض لبيان الفرق بين الكتابة