للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما أولا فإنه بنى الشعر على الاجتداء والطلب حتى إن امرأ القيس وهو الملك ابن الملك اجتدى سعد بن الضباب بالشعر، وقد كان ابن المنصور الخليفة ابن الخلائف يجتدي بالشعر من عبيد الله بن سليمان بن وهب ومن ولده القاسم بن عبيد الله وزير المعتضد والمكتفي، فإن لم يكن يجتدي مالا فإنه كان يجتدي جاها.

ولم تبن الكتابة على هذا، ولا عرفت بهذا.

وأما ثانيا فلأن المراد من الكتابة ومقصدها الذي وضعت لأجله ماذكره أبو إسحاق من سداد الثغور، وإصلاح الأمور، والدعاء إلى الألفة، والنهي عن الفرقة، والاستعداد لحرب، والإعلام بفتح، ولم يوضح الشعر لذلك.

ألا ترى أنا ما رأينا ولا سمعنا ملكا كتب إلى ملك آخر في إصلاح فساد، أو استمداد على عدو، أو إعلام بفتح قصيدة من الشعر، وإنما كتب الرسائل؟.

وأما القصائد التي ذكرها هذا الرجل لأبي تمام وأبي عبادة وأبي الطيب فإنا لم ننف كون الشعر قد يشتمل على ذلك، ولكنا قلنا إنه ليس هو الغرض الأصلي الذي وضع الشعر له ولا يكون أصلا فيه بل عارضا وطارئا، والرسائل بخلاف ذلك؛ لأن هذا المعنى هو الغرض الأصلي فيها.

وكذلك نجد هذا الفن في الديوان الذي حجمه عشرون كراسا في قصيدة أو قصيدتين، ونجده في الرسائل التي حجمها عشرون كراسا في خمسة عشر كراسا.

<<  <   >  >>