للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعاليمه ضرورة الإيمان بالروح والجسم، والتكليف القائم على الاعتقاد والقول والعمل، وأيضا فأتباع زرادشت يثبتون له معجزات، منها دخول قوائم الفرس في بطنه، وقد بشر "زرادشت" بظهور "الرجل العالم" في آخر الزمان؛ ليزين الكون بالدين والعدل١، وهو يدعو الناس إلى الإيمان باليوم الآخر والبعث والجزاء.

وليس لدينا دليل يمنع أن يكون نبيا ما دامت تعاليمه موحدة في العقيدة ومؤمنة بالبعث، وداعية إلى الخلق الطيب والعمل النافع وغير ذلك، واندراجه تحت الرسل المذكورين في قوله {وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْك} جائز.

ويمكن تفسير ما ينسب إليه من دعوته لإلهين، أحدهما للنور، والآخر للظلام، أنه من وضع أتباعه الذين حرفوا دعوته.

لكن الذي نذكره بعد ذلك أن ديانة الفرس بعد "زرادشت" داخلها فساد كبير، أضاع أغلب معالمها، فلقد جاء "ماني" في القرن الثالث الميلادي، وعمق الأصلين في الوجود، وجعلهما إلهين، مستقلين، أزليين، قديمين.

وقد حكى "محمد بن هارون" المعروف بـ"أبي عيسى الوراق" أن الحكيم "ماني" زعم أن العالم مصنوع مركب من أصلين قديمين أحدهما نور والآخر ظلمة، وأنهما أزليان لم يزالا ولن يزالا٢.

وفي نهاية القرن الخامس الميلادي جاء "مزدك" فأضاف إلى فساد العقيدة على يد "ماني" فسادا أخلاقيا آخر، حين قال بالشيوعية المتطرفة، المنادية بالمساواة في المال والنساء؛ لأنهما في نظره سبب الحرب والقتال، وبإلغائهما تتطهر القلوب من الأحقاد ويعيش الناس في سلام٣، وجاءت المانوية فأوصلت الأصول إلى ثلاثة هي: النار والأرض والماء٤.


١ الملل والنحل ج١ ص٢١٧، ٢١٨، ٢١٩.
٢ الملل والنحل ج١ ص٢٢٤.
٣ الفلسفة الشرقية ص١٩٥، ١٩٦.
٤ وحدة الدين ص١١١.

<<  <   >  >>