المباح هو ما خيَّر الشارعُ المكلََّف بين فعله وتركه، فلم يطلب الشارع أن يفعل المكلف هذا الفعل ولم يطلب أن يكف عنه.
وتارة تثبت إباحة الفعل بالنص الشرعي على إباحته، كما نص الشارع على أنه لا إثم في الفعل، فيدل بهذا على إباحته كقوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة: ٢٢٩] ، وكقوله سبحانه:{وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء}[البقرة: ٢٣٥] ، وكما إذا أمر الشارع بفعل ودلت القرائن على أن الأمر للإباحة كقوله تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ}[المائدة: ٢] ، وكقوله سبحانه:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}[الجمعة: ١٠] ، وكقوله:{وكلوا واشربوا}[البقرة: ١٨٧] .
وتارة تثبت إباحة الفعل بالإباحة الأصلية، فإذا لم يرد من الشارع نصل على حكم العقد أو التصرف أو أي فعل، ولم يقم دليل شرعي آخر على حكم فيه: كان هذا العقد أو التصرف أو الفعل مباحا بالبراءة الأصلية لأن الأصل في الأشياء المباحة.
هذه هي أقسام الحكم التكليفي الخمسة على ما ذهب إليه جمهور الأصوليين:
وأما علماء الحنفية فقد قسموه إلى سبعة أقسام لا إلى خمسة، وذلك أنهم قالوا:" إن ما طلب الشارع فعله طلبا حتما إذا كان دليل طلبه قطعيا بأن كان آية قرآنية أو حديثا متواترا فهو الفرضِ، وإن كان دليل طلبه ظنيا بأن كان حديثا غير متواترا أو قياسا فهو الواجب.
فإقامة الصلاة فرض لأنها طلبت طلبا حتما بدليل قطعي هو قوله تعالى:
{وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ}[البقرة: ٤٣] ، وقراءة الفاتحة في الصلاة واجبة لأنها طلبت طلبا حتما، بدليل ظني هو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب"، وأما ما طلب فعله طلبا غير حتم فهو المندوب، وكذلك ما طلب الشارع الكف عن فعله طلبا حتما إن كان دليله قطعيا كآية أو سنة متواترة فهو المحرم، وإن كان دليله ظنيا كسنة غير