المراد بعبارة النص صيغته المكونة من مفرداته وجملة. والمراد بما يفهم من عبارة النص المعنى الذي يتبادر فهمه من صيغته، ويكون هو المقصود من سياقه، فمتى كان المعنى ظاهرا فهمه من صيغة النص، والنص سيق لبيانه وتقريره، كان مدلول عبارة النص " ويطلق عليه المعنى الحرفي للنص". فدلالة العبارة: هي دلالة الصيغة على المعنى المتبادر فهمه منها، المقصود من سياقها. سواء أكان مقصودا من سياقها أصالة أو مقصودا تبعا.
وأمثلة هذا لا تحصى، لأن كل نص قانوني إنما ساقه الشارع لحكم خاص، قصد تشريعه به وصاغ ألفاظه وعباراته لتدل دلالة واضحة عليه. فكل نص في أي قانون شعري أو وضعي له معنى تدل عليه عباراته، وقد يكون له مع هذا معنى يدل عليه بالإشارة أو الدلالة أو الاقتضاء، وربما لا يكون، فلا حاجة إلى ذكر أمثلة مما يدل عليه النص بعبارته، وإنما نقتصر على بعض أمثلة يتبين منها الفرق بين المقصود من السياق أصالة والمقصود منه تبعا.
قال تعالى:{وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥] ، هذا النص تدل صيغته دلالة ظاهرة على معنيين كل منها مقصود من سياقه، أحدهما: أن البيع ليس مثل الربا، وثانيهما: أن حكم البيع الإحلال، وحكم الربا التحريم. فهما معنيان مفهومان من عبارة النص، ومقصودان من سياقه؛ ولكن الأول: مقصود من السياق أصلاة، لأن الآية سيقت للرد على الذين قالوا: إنما البيع مثل الربا، والثاني: مقصود من السياق تبعا، لأن نفي المماثلة استتبع بيان حكم كل منهما حتى يؤخذ من اختلاف الحكمين أنهما ليسا مثلين، ولو اقتصر على المعنى المقصود من السياق أصالة، لقال: وليس البيع مثل الربا.