ويجب الاحتياط في الاستدلال بطريق الإشارة وقصره على ما يكون لازما لمعنى من معاني النص لزوما لا انفكاك له، لأن هذا هو الذي يكون النص دالا عليه، وإذ الدال على الملزوم دال على لازمه. أما تحميل النص معاني بعيدة لا تلازم بينهما وبين معنى فيه بزعم أنها إشارية فهذا شطط في فهم النصوص، وليس هو المراد بدلالة إشارة النص.
٣- دلالة النص:
المراد بما يفهم من دلالة النص المعنى الذي يفهم من روحه ومعقوله، فإذا كان النص تدل عبارته على حكم في واقعه لعله بني عليها هذا الحم، ووجدت واقعة أخرى، تساوي هذه الواقعة في علة الحكم أو هي أولى منها، وهذه المساواة أو الأولوية تتبادر إلى الفهم بمجرد فهم اللغة من غير حاجة إلى اجتهاد أو قياس، فإنه يفهم لغة أن النص يتناول الواقعين، وأن حكمه الثابت لمنطوقه يثبت لمفهومه الموافق له في العلة، سواء كان مساويا أم أولى.
مثال هذا قوله تعالى في شأن الوالدين:{فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ}[الإسراء: ٢٣] ، تدل عبارة هذا النص على نهي الولد أن يقول لوالديه " أُفٍّ "؛ والعلة في هذا النهي ما في هذا النهي ما في هذا القول لهما من إيذائهما وإيلامهما. وتوجد أنواع أخرى أشد إيذاء وإيلاما من التأفف كالضرب والشتم، فيبادر إلى الفهم أنهما يتناولهما النهي، وتكون محرمة بالنص الذي حرم بالتأفف، لأن المتبادر لغة من النهي عن التأفف النهي عما هو أكثر إيذاء للوالدين بالأولى، فهنا المفهوم الموافق المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق.
مثال آخر: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً [النساء: ١٠] يفهم من عبارة هذا النص تحريم أكل الأوصياء أموال اليتامى ظلما، ويفهم من دلالته تحريم أن يؤكلوها غيرهم، وتحريم إحراقها وتبديدها وإتلافها بأي نوع من أنواع الإتلاف، لأن هذه الأشياء تساوى أكلها ظلما في أن كلا