وثيابهم، فهو يغاير السارق من جهة أنه لا يأخذ مملوكاً من حرز، ولذا سمي باسم خاص به، فهل يصدق عليه لفظ السارق فتقطع يده، أو لا يصدق فيعاقب تعزيزاً؟!
وقد ثبت للشافعي وأبي يوسف أنه سارق فتقطع يده، وثبت لسائر أئمة الحنفية أنه غير سارق فيعاقب تعزيزاً بما يردعه ولا تقطع يده، لأن أخذه مالاً غير مرغوب فيه ولا مملوك لأحد، ومن غير حرز، شبهة يسقط الحد.
وكذا لفظ القاتل في حديث ((لا يرث القاتل)) ، هل يتناول القاتل خطأ أو بالتسبب أو لا يتناوله؟ والبائع إذا أخذ من المشتري نقوداً على أن يأخذ منها ثمن البيع ويرد الباقي فاختفى، هل يصدق عليه أنه سارق أو خائن الأمانة؟ وكذا كل لفظ دل دلالة ظاهرة على معناه ولكن وجد خفاء واشتباه في انطباق معناه على بعض الأفراد يعتبر اللفظ خفياً بالنسبة إلى الأفراد.
وأمثلة هذا في القوانين الشرعية والوضعية كثيرة، ومن أظهرها بعض الجرائم التي يشتبه في أنها جناية أو جنحة، أي في انطباق أحد اللفظين عليها.
والطريق لإزالة هذا الخفاء هو بحث المجتهد وتأمله. فإن رأى اللفظ يتناول هذا الفرد ولو بطريق الدلالة جعله من مدلولاته فأخذ حكمه، وإن رأى اللفظ لا يتناوله بأي طريق من طرق الدلالة لم يجعله من مدلولاته فلا يأخذ حكمه، وهذا مما تختلف فيه أنظار المجتهدين. ولذلك جعل بعضهم النباش سارقاً ولم يجعله آخرون، ومرجعهم في اجتهادهم لإزالة هذا الخفاء هو علة الحكم، وحكمته، وما ورد في هذا الشأن من النصوص، فقد تكون العلة أكثر توافراً في هذا الفرد، وربما لا تكون متحققة فيه، وقد يدل على حكمه نص آخر يتناوله بوضوح.
٢- المشكل:
المراد بالمشكل في اصطلاح الأصوليين: اللفظ الذي لا يدل بصيغته على المراد منه، بل لابد من قرينة خارجية تبين ما يراد منه، وهذه القرينة في متناول البحث.
فسبب الخفاء في الخفي ليس من نفس اللفظ، ولكن من اشتباه في انطباق