وإذا ورد اللفظ الخاص في النص الشرعي على صيغة النهي أو صيغة الخبر التي في معنى النهي أفاد التحريم، أي طلب الكف عن المنهي عنه على وجه الإلزام والختم. فقوله تعالى:{وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}[البقرة:٢٢١] ، أفاد تحريم زواج المسلم بالمشركات، وقوله تعالى:{وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً}[البقرة:٢٢٩] ، أفاد تحريم أخذ عوض من المطلقات، لأن صيغة النهي على الرأي الراجح، موضوعة لغة للدلالة على التحريم فيفهم منها عند الإطلاق. وإذا وجدت قرينة تصرفها عن المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي، فهم منها ما دلت عليه القرينة، كالدعاء في قوله:{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا}[آل عمران:٨] ، والكراهة في قوله:{لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[البقرة:١٠١] .وبعض الأصوليين ذهبوا إلى أن صيغة النهي من باب المشترك هي كالأمر والخلاف فيهما واحد.
والنهي يقتضي طلب الكف دائماً وفوراً، لأنه لا يتحقق المطلوب وهو الكف ألا إذا كان دائماً، بمعنى انه كلما دعت المكلف نفسه إلى فعل المنهي عنه كفها، فالتكرير ضروري لتحقق الامتثال في النهي، وكذلك المبادرة لأن النهي عن الفعل إنما هو تحريمه لتلاقي ما فيه من مضار، وهذا واجب في الحال, لأن من نهي عن شئ إذا فعله ولو مرة في أي وقت لا يتحقق أنه امتثل، فتكرير الكف وكونه على الفور من مقتضيات النهي، فصيغة النهي المطلق تقتضي الفور والتكرير، وصيغة الأمر المطلق لا تقتضي فوراً ولا تكريراً.