الثاني: أن يتفق على الحكم الشرعي في الواقعة جميع المجتهدين من المسلمين في وقت وقوعها، بصرف النظر عن بلدهم أو جنسهم أو طائفتهم، فلو اتفق على الحكم الشرعي في الواقعة مجتهدو الحرمين فقط، أو مجتهدو العراق فقط، أو مجتهدو الحجاز، أو مجتهدو آل البيت، أو مجتهدو أهل السنة دون مجتهدي الشيعة لا ينعقد بهذا الاتفاق الخاص إجماع، لأن الإجماع لا ينعقد إلا بالاتفاق العام من جميع مجتهدي العالم الإسلامي في عهد الحادثة، ولا عبرة بغير المجتهدين.
الثالث: أن يكون اتفاقهم بإبداء كل واحد منهم رأيه صريحا في الواقعة سواء كان إبداء الواحد منهم رأيه قولا بأن أفتى في الواقعة بفتوى، أو فعلا إن قضى فيها بقضاء، وسواء أبدى كل واحد منهم رأي على إنفراد وبعد جمع الآراء تبين اتفاقها، أم أبدوا آراءهم مجتمعين بأن جمع مجتهدو العالم الإسلامي في عصر حدوث الواقعة وعرضت عليهم، وبعد تبادلهم وجهات النظر اتفقوا جميعا على حكم واحد فيها.
الرابع: أن يتحقق الاتفاق من جميع المجتهدين على الحكم، فلو اتفق أكثرهم لا ينعقد باتفاق الأكثر إجماعٌ مَهما قل عدد المخالفين وكثر عدد المتفقين لأنه ما دام قد وجد اختلاف وجد احتمال الصواب في جانب والخطأ في جانب، فلا يكون اتفاق الأكثر حجة شرعية قطعية ملزمة.
حجيته:
إذا تحققت أركان الإجماع الأربعة بأن أحصي في عصر من العصور بعد وفاة الرسول جميع من فيه من مجتهدي المسلمين على اختلاف بلادهم وأجناسهم وطوائفهم، وعرضت عليهم واقعة لمعرفة حكمها الشرعي، وأبدى كل مجتهد منهم رأيه صراحة في حكمها بالقول أو بالفعل مجتمعين أو منفردين، واتفقت آراؤهم جميعا على حكم واحد في هذه الواقعة- كان هذا الحكم المتفق عليه قانوناً شرعيا واجباً اتّباعه ولا يجوز مخالفته، وليس للمجتهدين في عصرٍ تالٍ