للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي شرعوا الأحكام بناء عليها، ولم يقم دليل من الشارع على اعتبارها ولا على إلغاء اعتبارها.

وهذا المناسب المرسل اختلف العلماء في تشريع الأحكام بناء عليه، فمنهم من نظر إلى ناحية أن الشارع لم يعتبره فقال: لا يبني عليه تشريع، ومنهم من نظر إلى أن الشارع لم يلغ اعتباره فقال: يبني عليه التشريع، وسيأتي بحثه مفصلا.

٤- المناسب الملغي: وهو الوصف الذي يظهر أن في بناء الحكم عليه تحقيق مصلحة، ولم يرتب الشارع حكما على وفقه ودل الشارع بأي دليل على إلغاء اعتباره.

مثل: تساوي الابن والبنت في القرابة لتساويهما في الإرث، ومثل إلزام المفطر عمداً في رمضان بعقوبة خاصة لردعه.

وهذا لا يصح بناء تشريع عليه، وسيأتي بحثه مفصلا.

مسالك العلة:

المراد بمسالك العلة: الطرق التي يتوصل بها إلى معرفتها، وأشهر هذه المسالك ثلاثة:

أولا: النص: فإذا دل نص القرآن أو السنة على أن علة الحكم هي هذا الوصل كان هذا الوصف علة بالنص ويسمى العلة المنصوص عليها وكان القياس بناء عليه هو في الحقيقة تطبيق للنص. ودلالة النص على أن الوصف علة قد تكون صراحة وقد تكون إيماء أي إشارة وتلويحا لا تصريحا.

فالدلالة صراحة هي: دلالة لفظ في النص على العلية بوضعه اللغوي مثل ما إذا ورد في النص لعلة كذا، أو لسبب كذا، أو لأجل كذا، وإذا كان اللفظ الدال على العلية في النص، لا يحتمل غير الدلالة على العلية، فدلالة النص على علية الوصف صريحة قطعية كقوله تعالى في تعليله بعثه الرسل: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥] ، وقوله في إيجاب أخذ خمس الفيء للفقراء والمساكين: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ} [الحشر: ٧] ، وكقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إنما نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي لأجل الدافة، فكلوا وادخروا".

وإذا كان اللفظ الدال على العلية في النص يحتمل الدلالة على غير العلية، فدلالة النص على عليه الوصف صريحة ظنية، مثل قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] ، وقوله: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: ١٦٠] وقوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] ، وقول الرسول في طهارة سؤر الهرة: "إنها من الطوافين عليكم والطوافات"، وإنما كانت دلالة النص

<<  <   >  >>