وهذا مثل من أمثلة هذه القيم، وهو مثل مخجل -إن كان قد بقي في الدنيا من يخجل- فقد سئل أحد هؤلاء الشباب المائعين حين تعرض لبعض الفتيات بما لا يليق أترضى أن يرتكب شاب مثل هذه الوقاحة مع أختك؟ فأجاب: أختي حرة تفعل ما تشاء!.. وهذا مبلغ الغيرة على الحرمات والأعراض إن كان قد بقي مكان للغيرة بين أشباه الرجال..
ومن الواجب هنا أن ننص على أمر له أهميته وقيمته، وهو أن هؤلاء الشبان المتميعين قد اشترك في إفسادهم أمران: سوء تربيتهم وإعدادهم من جهة وانتشار التبرج الفاجر بين النساء من جهة أخرى، وليس من السهل على الشاب أن يرى أمامه لحوم النساء عارية فاتنة صارخة، ثم يستمسك بعفته وفضليته، فإذا كنا نريد الاستقامة في الإصلاح، فلنؤدب هؤلاء الشباب أولا، ولنعلِّم العفة والوقار للنساء والبنات ثانيا، وإلا فلا فائدة من البكاء والعويل على الأخلاق والفضيلة، وهؤلاء الرقعاء يقولون: إننا نعاكس الفتاة التي تكشف عن مفاتن جسمها؛ لأن الكشف عن هذه المفاتن دعوة صريحة ونداء سافر.. وعلى الرغم مما في هذا من مغالطة أو احتيال للتسويغ يجب على من يريدون الإصلاح أن يعلموا أن انحراف الشبان ذو صلة وثيقة بانحراف النساء، ورحم الله الرافعي إذ يقول:"إنه لو عرضت عليه قضية امرأة متبرجة عاكسها شاب في الطريق لعاقب هذه المرأة عقوبتين: إحداهما بأنها اعتدت على عفة الشاب، والثانية: بأنها خرقاء كشف اللحم للهر".
إن هؤلاء الشبان لم يتربوا في البيت تربية صالحة، ولم يجدوا في المدرسة التوجيه الروحي الصادق، ولم يجدوا المرأة في الشارع على ما ينبغي من التصون أو الوقار، ووجدوا في المسارح والسينمات والشواطئ والنوادي والمجتمعات الأخرى عوامل الفتنة وجواذب الشر، فسقطوا وتحللوا ورتعوا وكونوا لنا هذا الجيش من المائعين والمتحللين الذين لا يكتفون بفساد