للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صِلٌّ يموتُ سليمُهُ قبل الرُّقَى ... ومُخاتِل لعدوّه بتصافُحِ

إنَّ المَهالبَ لا يزالُ لهم فتًى ... يمرِي قوادمَ كلّ حربٍ لاقحِ

ملكٌ أغرُّ متوَّجٌ يَسمو لهُ ... طرفُ الصَّديق وغُضَّ طرفُ الكاشحِ

رفَّاعُ ألوية الحروبِ إلى العِدَى ... بسُعود طيرِ سوانحٍ وبَوارحِ

أمَّا قوله: " فإذا مررتَ " البيتين، فكثير جدّاً وقد ذكرنا شيئاً منه، ومن مليح ما لم نذكره قول ابن الرومي يرثي بستان المغنّية:

إنَّ ثرًى ضمَّها لأفضلُ مَح ... جوج لصبٍّ وخيرُ مُعتَمَرِ

أقسمتُ بالدَّلِّ من مَلاحتها ... وحسنِ ذاك السُّجُوِّ والحَوَرِ

لو عُقرتْ حول قبرها بَقَرُ ال ... إنسِ مكانَ القِلاص والجَزَرِ

وانْتُحِرتْ في قبابها بُهُمُ ال ... حرب وصِيدُ المُلوك من مُضرِ

يقول فيها:

بستانُ أُسقيتِ من مدامِعِنا ... لا مِن سَواري الغُيوث والمطرِ

بلْ حَقُّ سُقياكِ أنْ تكون من الصَّ ... هباء حِمصَ أو جَدَرِ

بل من رحيق الجِنان يُختمُ بال ... مِسكِ سُلافاً به بلا عَكَرِ

بل منْ نَجيع القلوب يُمزَجُ بال ... عَطف وصَفو الوِداد لا الكَدَرِ

ما أحسن ما أتى ابنُ الرُّومي بهذين المعنيين إذ كانت مرثيته هذه لمُغنِّية وليست في شجاع ولا كريم فيذكر فيها من المعنى المتقدّم الَّذي كنَّا في ذكره، كما يُذكر في أمثالهما.

وأمَّا قول زياد: " لعفت منابره " البيت، فإليه نظر البحتريّ بقوله في مرثية أبي سعيد:

حُطَّتْ سروجُ أبي سعيدٍ واغْتَدتْ ... أسيافُهُ دون العدوِّ تُشامُ

وأمَّا قوله: " صفَّان مختلفان " البيت، فمعنى غريب وما نعرف له نظيراً في تمامه وزيادته لأنَّه ذكر أنَّ هذين الصَّفَّين لمَّا تلاقيا قُتل بعضهم فطُلِّقت نساء المقتولين ونكح آخرون، أراد أنَّهم سَبَوا نساءً فنكحوهنّ، وقد أتينا بقطعة صالحة من المراثي فيها مَقنع لما أردناه.

ونذكر ههنا أشباه لها نظائر إلاَّ أنَّها غريبة قليلة، فمن ذلك قول زياد الأعجم:

<<  <   >  >>