للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن الدُّمَيْنة:

طرقتْكَ زينبُ والرِّكابُ مُناخةٌ ... بينَ المخارمِ والنَّدَى يتصبَّبُ

بثنيَّةِ العلَمَين وهناً بعدما ... خفقَ السِّماكُ وعارضتهُ العقربُ

فكرامةٌ وتحيَّةٌ لِخَيالها ... ومع الكرامة والتحيَّة مرحبُ

أنَّى اهتديتِ ومَن هداكِ وبَيننا ... حمَلٌ فقُلةُ عالجٍ فالمرقبُ

وثنيَّةٌ قذفٌ يحارُ بها القطا ... ويضلُّ فيها حين يعدُو الأحقبُ

وزعمتِ أهلكِ ضيَّعوكِ رغيبةً ... عنِّي فأهلِي بي أضنُّ وأرغبُ

أوَليسَ لي قُرناءُ إنْ أقصَيْتِني ... حَدِبوا عليَّ وعنديَ المستعتبُ

فلئنْ دنوتِ أدنونَّ بعفَّةٍ ... ولئن نأيتِ فما ورائيَ أرحبُ

يأبَى وجدّكِ أنْ أكون مقصِّراً ... عقلٌ أعيشُ به وقلبٌ قُلَّبُ

قدم رجلان من بني زبيد لدمٍ أصابا في قومهما إلى سنجار فأقاما بها مدةً ثمَّ شربا بها يوماً ومعهما رجل من النَّمر بن قاسطٍ فلمَّا سكِرا اشتاقا بلدهما وحنَّا لذلك فقال أحدهما:

أيا جَبَليْ سنجارَ ما كنتُما لنا ... مَقيظاً ولا مشتًى ولا متربَّعا

ويا جبلَيْ سنجارَ هلاَّ بكيتُما ... لداعِي الهوَى منَّا شَنِينَين أدمُعا

ولو جبَلا عُوج شكونا إليهما ... جرتْ عبراتٌ منهما وتصدَّعا

بكَى يومَ تلّ المحلبيَّة صاحبِي ... ويوماً على الثَّرثار حنَّ ورجَّعا

فأجابه النمريّ:

أيا جبليْ سنجارَ هلاَّ دقَقْتما ... برُكنَيكما أنفَ الزُّبيديّ أجمعا

لعمرك ما جاءتْ زُبيدُ لهجرةٍ ... ولكنَّها جاءتْ من الرَّملِ جُوَّعا

قال: خرج خالد بن علقمة، أحد بني دارم، يسترفد قومه، فنزل برجل منهم يقال له عطَّاف بن مدّ فسأله فجبَهَهُ وأساء ردّه فارتحل وهو يقول:

جزَى اللهُ عطَّافَ بنَ مدّ ملامةً ... إذا أشرقَ النَّفسَ البخيلةَ ريقُها

إذا سُئلَ المعروفَ بسَّل وجههُ ... وجبهتهُ حتَّى تدِرّ عروقُها

وعدَّد لي فَقراً كثيراً وفاقةً ... ومعتبةً لم يدرِ كيف طريقُها

وهجا قومه فقال:

لهم إبلٌ كُومٌ أتتهم فجاءةً ... قليل مواشيها ذَميمٌ صديقُها

إذا ماتَ منها ميَّتٌ يدفنونه ... كدفنِ الفتَى لو أنَّ لحداً يُطيبها

خاصمت بعض نساء العرب زوجها وقالت له: ما رأيت معك خيراً قطّ، فقال:

لمْ أبغكِ المالَ قد تعلمينَ ... وجُبتُ العراقَ وجُبتُ الشَّآما

وجُبتُ الشّريف بأكنافهِ ... وجُبتُ اليمامةَ غِرّاً غُلاما

فأنتِ الطَّلاقُ وأنتِ الطَّلا ... قُ وأنتِ الطَّلاقُ تماماً تماما

الشَّمّاخ:

تسألُني عنْ بعلِها أيُّ فتًى

خبٌّ جَروزٌ وإذا جاعَ بكَى

لا حَطَبَ القومَ ولا القوم سقَى

ولا رِكابَ القوم إنْ ضلَّتْ بَغَى

ولا يُوارِي فرجَهُ إذا اصْطَلَى

لمَّا رأَى الرَّملَ وقِيزان الغَضَا

والبَقَرَ الملمَّعاتِ بالشَّوَى

بكَى وقال هلْ تَرَونَ ما أرَى

أليسَ للسَّير الطَّويل مُنتَهَى

قلتُ أَعِرْني صاحبي ألا بَلَى

جرير:

أتغلبُ أُولي حِلفةً ما ذكرتُكُم ... بسوءٍ ولكنِّي عتبت على بكْرِ

فلا تُوبِسوا بَيني وبينكم الثَّرَى ... فإنَّ الَّذي بيني وبينكمُ مُثْرِي

ابن الطَّثريَّة:

سقَى دِمنَتَيْنِ ليس لي بهما عهدُ ... بحيثُ التقَى الدَّاراتُ والجرَعُ الكُبْدُ

فيا ربوةَ الرَّبعينِ حُيِّيتِ ربوةً ... على النَّأيِ منَّا واستهلَّ بكِ الرَّعدُ

قضيتُ الغواني غيرَ أنَّ مودَّةً ... لذَلْفاءَ ما قضَّيتُ أخرَها بعدُ

فرَى نائباتُ الدَّهرِ بيني وبينَها ... وصرفُ اللَّيالي مثلَ ما فُرِيَ البُردُ

فإنْ تَدَعِي نجداً ندعْهُ ومَن به ... وإن تسكُني نجداً فيا حبَّذا نجدُ

وإنْ كانَ يوم الوعدِ أدنَى لِقائنا ... فلا تعذُليني أنْ أقولَ متَى العهدُ

إذا وردَ المِسواكُ ريَّانَ بالضُّحى ... عوارضَ منها ظلَّ يُخصِرُهُ البردُ

وألْيَنُ من مسِّ الرَّحَى باتَ يلتَقي ... بمارِنِهِ الجاديُّ والعنبرُ الوردُ

جميل:

ألا تلكمُ أعلامُ بثنةَ قد بدتْ ... كأنَّ ذَرَاها في السَّراب سَبيبُ

طوامسُ لي من دونهنَّ عداوةٌ ... ولي من وراءِ الطَّامساتِ حبيبُ

بعيدٌ على من ليسَ يطلبُ حاجةً ... وأمَّا على ذي حاجة فقريبُ

تساهَمَ بُرداها فأمَّا إزارُها ... فطارَ له عند السَّماءِ كليبُ

وكانَ لأعلَى البُرد منها مُبَتَّلٌ ... لطيفٌ كخُوط الخيزران رطيبُ

ابن الدُّمَيْنة:

دعتكَ دواعِي حُبّ سلمَى كما دَعَا ... على النَّشرِ أخرى التَّالياتِ مُهيبُ

فلبَّيك من داعٍ دعَا ولَوَ انَّني ... صدًى بين أحجارٍ لظلَّ يُجيبُ

وداعي الهوَى يغشَى المنيَّةَ بالفتَى ... ويغترُّ عقلَ المرءِ وهْوَ لبيبُ

فللهِ درِّي يوم صحراءِ عالجٍ ... ودرُّ الهوَى إنِّي له لحبيبُ

ودَرُّ بَلائي من هواكِ فإنَّه ... لعَقْلي وإنْ غالبتُهُ لغلوبُ

الأعشى وقد رُويت لغيره:

قالتْ قُتَيلةُ ما لهُ ... قد جُلِّلتْ شيباً شَواتُهْ

أمْ لا أراهُ كما عهد ... تُ صَحا وأقْضرَ عاذلاتُهْ

ما تُنكرينَ من امرئٍ ... إنْ شابَ قد شابتْ لِداتُهْ

خارجة بن فليح المَلَليّ:

ألا طرقتْنا والرِّفاقُ هجودُ ... فباتتْ بعلاَّتِ النَّوالِ تَجودُ

ألا طرقتْ لبلَى لقًى بين أرحُلٍ ... شجاه الهوَى والبعدُ فهو عميدُ

فليت النَّوى لم تُسحقِ الخرقَ بيننا ... وليتَ الخيالَ المُستراثَ يعودُ

إذنْ لأقاد النَّفسَ من فَجعة الهوَى ... بليلَى ورَوعاتُ الفؤاد تُقيدُ

كأنَّ الدُّموعَ الواكفاتِ بذكرها ... إذا أسلمتْهنَّ الجفونُ فريدُ

إذا أدبرتْ بالشَّوق أعقابُ ليلةٍ ... أتاكَ بهِ يومٌ أغرُّ جديدُ

نظرتْ امرأة إلى أبي السود الدؤلي وقد أسنَّ فقالت له مستهزئةً به: علِّق عليك يا أبا الأسود مَعاذة، فقال:

أفنَى الشَّبابَ الَّذي أفنيتُ لذَّتَه ... مرُّ الجديدَين من آتٍ ومنطلقِ

لم يتركا ليَ في طولِ اخْتلافِهما ... شيئاً يخافُ عليه لَذعةُ الحدَقِ

حدَّثنا ابن دريد عن عبد الرحمن عن الأصمعي قال: كان المحيا بن لغط الهمدانيّ رجلاً غيوراً لا ينزل مع النَّاس في محلٍّ واحدٍ ولا ينزل إلاَّ مُعتنزاً حريداً، وكان له ثلاث بناتٍ لهنَّ عقلٌ وجمال، وأدبٌ يقال لإحداهنَّ ظَمياء والأخرى ريَّا والأخرى وسنَى، فبينا هو ذات يوم بفناء بيته في أيام الرَّبيع وبقرب بيته روضة إذ أقبل سربٌ من ظباء فانتشر في الرَّوضة فقال:

فكأنَّهنَّ وقد ترجَّلتِ الضُّحَى ... ودَعٌ تكبَّدُ صَحصحاناً أفيَحَا

ثمَّ قال: أجيزي يا ظَمياء فقالت:

أكذاكَ أو كحَجَا غديرٍ مُفعمٍ ... رِيحتْ جوانبُهُ فراحَ مُسيَّحا

ثمَّ قال: أجيزي يا ريَّا، فقالت:

لا بلْ نواصلُ من وشاحِ خريدةٍ ... خانتْ معاقدُ نظمِهِ المتوشّحا

فقال: أحسنتنَّ وأجدتنَّ. قال الأصمعي: والله لو كانت له رابعة لم تدرِ ما تقول.

بعض الأنصار:

أعفَّاءَ تحسبهم للحيا ... ءِ مرضَى تطاوَلَ أسقامُها

يهونُ عليهمْ إذا يَغضَبو ... نَ سُخط العُداة وإرغامُها

ورتقُ الفتوقِ وفتقُ الرتوق ... ونقضُ الأمور وإبرامُها

فروة بن حُمَيضة الأسديّ:

لقد طرقتْنا المالكيَّةُ غدوةً ... بصحراء فلجٍ والمطيُّ على قصدِ

فأرَّقنا تسليمُها وكلامُها ... إلى الهائمِ الظَّمآنِ أحلَى من الشَّهدِ

فيا لك قولاً يُرجعُ الرّوحَ بعدَما ... تكادُ تزولُ الرُّوحُ من شدَّةِ الوجدِ

سقَى اللهُ وصلَ المالكيَّةِ إنَّها ... وإنْ هي كانت لا تُثيب ولا تُجدي

لَيعتادُني منها على النَّأي عائدٌ ... كما اعتادتِ الحمَّى أخا الوَعْك بالوِردِ

على أنَّني يوماً ملمٌّ فسائلٌ ... ومستخبرٌ بالغيْبِ ما فعلتْ بعدِي

فإنْ تكُ جذَّتْ باقيَ الوصلِ بعدَنا ... فما أنا عنها بالصَّبورِ ولا الجَلدِ

وما اتَّخذتْ عندي يداً ما وصلتُها ... ولا انصرفتْ منِّي بذمٍّ ولا حمدِ

سُويد بن سواد الجُلهميّ وكان له فرسٌ يسمَّى ناصحاً فأراد السِّباق به فقال يخاطبه:

أناصحُ برِّزْ للسِّباق فإنَّها ... غداةُ رِهانٍ جمَّعتهُ الحلائبُ

فإنَّك مجلوبٌ عليك ضُحَى غدٍ ... وما لكَ إنْ لم يجلبِ اللهُ جالبُ

أتذكرُ إلباسِيك في كلِّ شتوةٍ ... رِدائي وإطعاميكَ والبطنُ ساغبُ

لك اللهُ والإسلامُ إنْ جئتَ سابقاً ... عليَّ ونذرٌ لا أبيعُكَ واجبُ

وأنْ لا أُريحَ الدَّهرَ مالاً ملكتُهُ ... وأنتَ سوى أرضَى من الأرضِ عازبُ

أحمُّ دَجوجيٌّ كأنَّ عِظامَه ... إذا ما بدتْ للنَّاظرينَ المشاجبُ

كان عند مرقال بن بَحْوَنة الأسديّ ابنة عمٍّ له ورهاءُ فدخل منزله يوماً وهي مُغضبةٌ فقال: ما شأنك؟ قالت: لأنَّك ما تشبِّبُ بي كما يشبِّب الرِّجال بالنِّساء، فقال: فإنِّي أفعل، قالت: فهاتِ، فأنشدها وكان اسمها عُبيدة:

تمَّت عُبيدةُ إلاَّ في ملاحَتها ... فالحُسنُ منها بحيث الشَّمسُ والقمرُ

ما خالفَ الظَّبيَ منها حين تُبصِره ... إلاَّ سوالفهُ والجِيدُ والنَّظرُ

قلْ للَّذي عابَها من حاسدٍ حنِقٍ ... أقصِرْ فرأسُ الَّذي قد عِبْتَ والحجرُ

<<  <   >  >>