للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِذاً} أي: لو كِدتَ تركن إليهم شيئاً قليلاً لأذقناك ضِعْف الحياة وضِعْف الممات، وبهذا التهديد يرفع الحق سبحانه سخيمة الكُرْه من صدور القوم لمحمد، وينقلها له سبحانه وتعالى.

ومعنى {ضِعْفَ الحياة وَضِعْفَ الممات. .} [الإسراء: ٧٥] الضعْف: مضاعفة الشيء مرة أخرى. أي: قَدْر الشيء مرتين، ولا يُذاق في الحياة إلا العذاب، فالمراد: لأذقناك ضِعْف عذاب الحياة وضِعْف عذاب الممات، لكن لماذا يُضَاعَف العذاب في حَقِّ محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟

قالوا: لأنه أُسْوة كبيرة وقُدْوة يقتدي الناس بها، ويستحيل في حقِّه هذا الفعل، ولا يتصور منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، لكن على اعتبار أن ذلك حدث منه فسوف يُضاعَف له العذاب، كما قال تعالى في نساء النبي: {يانسآء النبي مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العذاب ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيراً} [الأحزاب: ٣٠]

ذلك لأنهن بيت النبوة وأمهات المؤمنين، وهنَّ أُسْوة لغيرهنّ من نساء المسلمين، وكلما ارتفع مقام الإنسان في مركز الدعوة إلى الله وجب عليه أنْ يتبرأ عن الشبهة؛ لأنه سيكون أُسْوة فعل، فإنْ ضَلَّ فلن يضل في ذاته فقط، بل سيضل معه غيره، ومن هنا شدَّد الله العقوبة وضاعفها للنبي ولزوجاته.

وقد اختار الحق سبحانه لفظ {لأذَقْنَاكَ} ؛ لأن الإذاقة من

<<  <  ج: ص:  >  >>