{فَإِنَّ الله يَأْتِي بالشمس مِنَ المشرق فَأْتِ بِهَا مِنَ المغرب ... }[البقرة: ٢٥٨] فماذا يقول هذا المعاند؟ {فَبُهِتَ الذي كَفَرَ والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين}[البقرة: ٢٥٨] .
كذلك كان فرعون يلجأ إلى هذا الأسلوب في حواره مع موسى وهارون عليهما السلام، ففي كل موقف كان يقول:{فَمَن رَّبُّكُمَا ياموسى}[طه: ٤٩] إنه الجدل العقيم، يلجأ إليه مَنْ أفلس، فلم يجد حجة يستند إليها.
ونلحظ في أسلوب الآية صيغة الإفراد في {وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ ... }[الروم: ٥٨] ثم تنتقل إلى صيغة الجمع في {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ}[الروم: ٥٨] فلم يقولوا لرسولهم مثلاً: أنت مبطل، فلماذا؟ قالوا: لأن الرسول حين يُكذِّبه قومه فيقولون: أنت مبطل، فلعل من أتباعه المؤمنين به مَنْ يدافع عنه ويشهد بصدقه، فجاءت صيغة الجمع لتفيد الشمول، فكأنهم يقولون: أنت مبطل وكل مَنْ (يتشدد لك) .
أو يكون المعنى {إِنْ أَنتُمْ ... }[الروم: ٥٨] يعني: كل الرسل {مُبْطِلُونَ}[الروم: ٥٨] أي: كاذبون تختلفون من عند أنفسكم وتقولون: هو من عند الله. وعجيب من هؤلاء أن يؤمنوا بالله ويُكذِّبوا رسله، ككفار مكة الذين شمتوا في رسول الله حين فتر عنه الوحي فقالوا:«إن رب محمد قلاه» .