وساعة ترى لفظة «لكل» وتجدها منونة، فاعرف أن هناك حاجة مقدرة، وأصلها «لكل إنسان» وحذف الاسم وجاء بدلاً منه التنوين، مثل قوله:{فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الحلقوم وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ}[الواقعة: ٨٣ - ٨٤] .
ونجد التنوين في «حينئذٍ» أي حين بلغت الروح الحلقوم، فحذف حين بلغت الروح الحلقوم وعوض عنها التنوين في «حينئذٍ» إذن فالتنوين جاء بدلاً من المحذوف.
وقول الحق:{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} ، و «الموالي» جمع «مَوْلى» . وقبل أن تنزل آيات الميراث، آخى النبي بين الأنصار والمهاجرين، فكانوا يتوارثون بهذه المؤاخاة، وكان هناك شيء اسمه «مولى المناصرة» وهو أن يستريح اثنان لبعضهما ويقول كل منهما للآخر: أنا أخوك وأنت أخي، حربي حربك، وسلمي سلمك، ودمي دمك، وترث مني وأرث منك، وتعقل عني وأعقل عنك، أي أن فعلتُ جناية تدفع عني، وإن فعلتَ أنت جناية أدفع عنك. مؤاخاة.
هؤلاء كان لهم نصيب في مال المتوفي، فالحق يبيّن: لكل إنسان من الرجال والنساء جعلنا ورثة يرثون مما ترك الوالدان، والأقربون. . أي لهم نصيب من ذلك ولأولياء المناصرة بعض من الميراث كذلك. فإياكم أن تأتوا أنتم وتقولوا: لا، لا بد أن تعطوهم نصيبهم الذي كان مشروطاً لهم وهو السدس.
لكن ظل ذلك الحكم؟ لا لقد نسخ وأنزل الله قوله:{وَأْوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ الله إِنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[الأنفال: ٧٥] .