للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا وَصف لما جرى في غزوة الأحزاب التي جمعتْ فُلول أعداء رسول الله، فقد سبق أنْ حاربهم مُتفرِّقين، والآن يجتمعون لحربه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فجاءت قريش ومَنْ تبعها من غطفان وأسد وبني فزارة وغيرهم، وجاء اليهود من بني النضير وبني قريظة، وعجيب أنْ يجتمع كل هؤلاء لحرب الإسلام على ما كان بينهم من العداوة والخلاف.

وقلنا: إن أهل الكتاب كانوا يستفتحون برسول الله على كفار مكة، ثم جاءت الآيات لتجعل من أهل الكتاب شهداء على صِدْق رسول الله، فقال تعالى: {وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كفى بالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب} [الرعد: ٤٣]

ولو قدَّر أهل الكتاب هذه الشهادة التي قرنها الحق سبحانه بشهادته، لَكَان عليهم أنْ يؤمنوا بصِدْق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

والمعنى {إِذْ جَآءُوكُمْ. .} [الأحزاب: ١٠] أي: اذكر يا محمد وتخيَّل وتصوَّر إذ جاءكم الأحزاب، وتجمَّعوا لحربك {مِّن فَوْقِكُمْ. .} [الأحزاب: ١٠] أي: من ناحية الشرق، وهُمْ: غطفان، وبنو قريظة، وبنو النضير {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ. .} [الأحزاب: ١٠] أي: من ناحية الغرب وهم قريش، ومَنْ تبعهم من الفزاريين والأسديين وغيرهم {وَإِذْ زَاغَتِ الأبصار. .} [الأحزاب: ١٠] أي: اذكر إذ زاغت الأبصار، ومعنى زاغ البصر أي: مال، ومنه قوله تعالى: {مَا زَاغَ البصر وَمَا طغى} [النجم: ١٧]

ف (زاغت الأبصار) يعني: مالتْ عن سَمْتها وسنمها، وقد خلق الله العين على هيئة خاصة، بحيث تتحرك إلى أعلى، وإلى أسفل، وإلى اليمين، وإلى الشمال، ولكل اتجاه منها اسم في اللغة، فيقولون: رأى أي: بجُمْع عَيْنه، ولمح بمؤخَّر مُوقِه، ورمق أي: من ناحية أنفه. . الخ

<<  <  ج: ص:  >  >>