هذه قضية حكم بها الحق سبحانة لنفسه، ولم يدَّعِها أحد، فلا يعلم ما في السماء والأرض إلا الله، وهذه الآية جاءت بعد الحكم في المنازعة فربما اعترض أحد وقال: ما دام الأمر من الله أحكاماً تنظم حركة الحياة وقد جاء كل رسول بها، فما ضرورة أنْ يجيء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للناس كافة.
وقلنا: إن الدين نوعان: نوع لا يختلف باختلاف الرسل والأمم والعصور، وهذا في القضايا العامة الشاملة التي لا تتغير، وهي العقائد والأصول والأخلاق، ونوع آخر يختلف باختلاف العصور والأمم، فيأتي الحكم مناسباً لكل عصر، ولكل أمة.
وما دام الحق سبحانه هو الذي سيحكم بين الطرفين قال:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي السمآء والأرض. .}[الحج: ٧٠] أعلم كل شيء كائن في الوجود ظاهره وباطنه، فأنا أحكُم عن علم وعن خبرة.
{إِنَّ ذلك فِي كِتَابٍ. .}[الحج: ٧٠] والعلم شيء، والكتاب شيء آخر، فما دام الله تعالى يعلم كل شيء، وما دام سبحانه لا يضل ولا ينسى، فما ضرورة الكتاب؟
قالوا: الكتاب يعني به اللوح المحفوظ الذي يحوي كل شيء.