لم يأت الحق هنا بالأنصاب أو الأزلام؛ لأن المؤمنين لا يعتقدون فيها وانتهوا منا، والخطاب هنا موجه للمؤمنين.
إذن لماذا قرن الحق التكليف بالنهي عن الخمر والميسر - من قبل - بالأنصاب والأزلام؟ قال سبحانه ذلك ليبشع لنا الأمر، فوضع الخمر والميسر مع الأنصاب والأزلام، ولنفهم أن الحكم بالنهي عن الخمر والميسر جاء ليقرنهما بالأنصاب والأزلام، وما داموا مؤمنين فلا بد أنهم قد انتهوا عن الأنصاب والأزلام.
ويقول سبحانه:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشيطان أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العداوة والبغضآء} . والإرادة هي تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه، وتتعلق الإرادة بمريد، فهل يقدر على إنقاذ ما يريد أم لا يقدر؟ إن كان يقدر على إنقاذ ما يريد، فالقدرة تكون من بعد الإرادة.
وحينما يريد سبحانه وتعالى فالقدرة تبرز المراد، فقدرته لا تتخلف ولا مراده يتخلف؛ لأن كل شيء منفعل له سبحانه وتعالى، وتختلف المسألة عند الإنسان والشيطان، فالإنسان يريد، ولكن أله القدرة على إنفاذ ذلك؟ أحياناً تكون له بعض من القدرة على إنفاذ ما يريد، وأحياناً لا.
والشيطان يريد، لكن أيقدر على إنفاذ ما يريد؟ إنه يقدر في حالة إطاعة الإنسان له. وهكذا تكون إرادة الشيطان، وهو يحب أن تحدث المعصية من الإنسان،