والله سبحانه وتعالى ساعة يستعمل كلمة «يشري» يجب أن نلاحظ أنها من الأفعال التي تستخدم في الشيء ومقابله، ف «شرى» يعني أيضا «باع» . إذن، كلمة «شرى» لها معنيان، واقرأ إن شئت في سورة يوسف قوله تعالى:{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ}[يوسف: ٢٠]
أي باعوه بثمن رخيص. وتأتي أيضا بمعنى اشترى، فالشاعر العربي القديم عنترة ابن شداد يقول:
فخاض غمارها وشرى وباعا ... .
إذن «شرى» لغة، تُستعمل في معنيين: إما أن تكون بمعنى «باع» ، وإما أن تكون بمعنى «اشترى» ، والسياق والقرينة هما اللذان يحددان المعنى المقصود منهم فقول عنترة:«شرى وباع» نفهم أن المقصود من «شري» هنا هو «اشترى» ، لأنها مقابل «باع» ، وقوله تعالى:{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ}[يوسف: ٢٠]
يوضحه سياق الآية بأنهم باعوه. وهذا من عظمة اللغة العربية، إنها لغة تريد أناساً يستقبلون اللفظ بعقل، ويجعلون السياق يتحكم في فهمهم للمعاني.
{وَمِنَ الناس مَن يَشْرِي نَفْسَهُ} ونفهم «يشري» هنا بمعنى يبيع نفسه، والذي يبيع نفسه هو الذي يفقدها بمقابل. والإنسان عندما يفقد نفسه فهو يضحي بها، وعندما تكون التضحية ابتغاء مرضاة الله فهي الشهادة في سبيله عَزَّ وَجَلَّ، كأنه باع نفسه وأخذ مقابلها مرضاة الله. ومثل ذلك قوله تعالى:{إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ}[التوبة: ١١١]