هذه أيضاً من الأمور الخاصة التي تخصُّ بعض الناس دون بعض، وكانت قبل تقدُّم العلم، حيث كانت النجوم هي العلامات التي يهتدي بها الملاحون في البحر والمسافرون في البر {وَعَلامَاتٍ وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ}[النحل: ١٦] .
وقد برع في علوم الفلك والنجوم وفي علوم البحار علماء من العرب وضَعُوا أُسساً لهذه العلوم، لا عن علم عندهم، إنما عن مشاهدة لظواهر الكون، وتوفيق وهداية من الله عَزَّ وَجَلَّ.
وحين نتأمل ارتقاءات الإنسان في الحياة نجد أنها نتيجة مشاهدة حدثتْ صدفة، أو حتى بطريق الخطأ، وإلا فكيف اهتدى الإنسان إلى تخمير العجين ليخرج الخبز على هذه الصورة وبهذا الطعم؟ لذلك يُسمُّون العجين: فطير وهو المبلط الذي لم يتخمر، وخمير وهو الذي تخمَّر وارتفع قليلاً وتخلّله الهواء.
وقد نقلوا هذه المعنى للرأي، يقولون: فلان رأيه فطير يعني: سطحي متعجل، وفكرة مختمرة يعني: مدروسة بتأنٍّ، ومنه الفِطْرة يعني الشيء حين يكون على طبيعته.
وربما اكتشفتْ إحدى النساء مسألة الخمير هذه نتيجة خطأ أو مصادفة حين عجنتْ العجين، وتأخرت في خَبْزه حتى خمر، فلما