للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول الحق: {والمحصنات مِنَ النسآء} هو قول معطوف على ما جاء في الآية السابقة من المحرمات، أي سيضم إلى المحرمات السابقات المحصنات من النساء، ومن هن المحصنات من النساء؟ الأصل في الاشتقاق عادة يوجد معنى مشتركا. فهذه مأخوذة من «الحصن» ، وهو مكان يتحصن فيه القوم من عدوهم، فإذا تحصنوا فيه امتنعوا على عدوهم. . أما إذا لم يكونوا محصنين فهم عرضة أن يُغير عليهم عدوهم ويأخذهم، هذا هو أصل الحصن، والاشتقاقات التي أخذت من هذه كثيرة: منها ما جاء في قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابنت عِمْرَانَ التي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [التحريم: ١٢] .

و {أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} يعني أنها عفت ومنعت أي إنسان أن يقترب منها، وهنا قوله: {والمحصنات} في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها، المقصود بها المتزوجات، فما دامت المرأة متزوجة، فيكون بضعها مشغولاً بالغير، فيمتنع أن يأخذه أحد، وهي تمتنع عن أي طارئ جديد يفد على عقدها مع زوجها. هذا معنى {والمحصنات مِنَ النسآء} ، فالمحصنات هنا هن العفيفات بالزواج، والحق يقول: {فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المحصنات مِنَ العذاب} [النساء: ٢٥] .

فما دامت الإماء قد أحصن بالزواج، هل يكن من المحصنات كالحرائر؟ لا، فهذه غير تلك، فهن لا يدخلن في المحصنات من الحرائر، وإلا لو دخلن في المحصنات يكون الحكم واحداً، فهو سبحانه يقول: {فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المحصنات مِنَ العذاب} ، وأصل الإحصان وهو العفة. . توصف به الحرة؛ لأن الحرة عادة لا يقربها أحد. وهذه امرأة أبي سفيان في بيعة النساء قالت: وهل تزني الحرة؟ كأن الزنا كان خاصا بالإماء؛ لأنهن المهينات وليس لهن أب أو أم أو عرض، قد يجترئ عليها أي واحد، وليس لها شوكة

<<  <  ج: ص:  >  >>