إنّ الكثير من بني إسرائيل ورثوا الكتاب، وأخذوا العرض الأدنى، ولم يزنوا الأمور بعقولهم؛ لذلك لم يتمسكوا بالكتاب، وتركوه، وساروا على هواهم؛ كأنهم غير مقيدين بمنهج افعل كذَا ولا تفعل كذَا، ويقابلهم بعض الذين يتمسكون بالكتاب الذي ورثوه، ولا يقولوا على الله إلا الحق.
ومادة الميم والسين والكاف تدل على الارتباط الوثيق؛ فالذي يجعل الانسان متصلاً بالشيء هو ماسكه، وتقول:«مسَكَ» وتقول: «مَسَّكَ» ، و «أمسك» ، وتقول «استمسك» ، و «تماسك» ، وكلها مادة واحدة. وقوله الحق:«يمسِّكون» مبالغة في المسك، كُل قطع وقطَّع، ولكن قطَّع أبلغ.
و (مسَّك) يعني أن الماسك تمكن مما يمسك، و (استمسك) أي طلب، و (تماسك) أي أنّ هناك تفاعلاًً بين الاثنين؛ بين الماسك والممسوك. ومن رحمة ربنا أنه لا يطلب منا أن نمسك الكتاب. بل يطلب أن نستمسك بالكتاب، ولذلك يوضح لك الحق سبحانه وتعالى: إن أنت ملت إلى القرب مني والزلفىإليّ، فاترك الباقي عنك فالمعونة منّي أنا، ولذلك يدلنا على أن من ينفذ منهج القرآن لا يلقى الهوان أبدا {فَقَدِ استمسك بالعروة الوثقى لاَ انفصام لَهَا} وهنا يستخدم