للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونلحظ أنه سبحانه وتعالى لم يأت بمادة الذكر في جانب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. ولم يقل له: واذكر إذ يمكر بك الذين كفروا؛ لكنه في جانب الصحابة جاء بمادة الذكر حيث قال: واذكروا إذ أنتم قليل، فما السبب؟

ذلك لأنه لا يطرأ على البال أن يغفل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن ذكر الله تعالى؛ لأن الذكر هو مهمته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، وسبحانه وتعالى القائل: {فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية: ٢١] .

هذا الذكر والتذكير هما وظيفة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ويختلف هذا عن مهمة الإيمان في حياة المؤمنين؛ لأن الإيمان بالنسبة لهم إنما ليعدل من حياتهم. لذلك جاء هنا بالظرف فقط.

{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذين كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله والله خَيْرُ الماكرين} [الأنفال: ٣٠] .

وهذا كله شرط وحيثية لقولة تعالى: {والله ذُو الفضل العظيم} [الأنفال: ٢٩] .

والمكر هو التَّبْييت بشيءٍ خفِيً يضرّ بالخَصْم. والذي يمكر ويبيت شيئاً خفيّاً بالنسبة لعدوه، لا يملك قدرة على المواجهة، فيبيت من ورائه، ولو كانت عنده

<<  <  ج: ص:  >  >>