بعد أن تكلم الحق سبحانه عن أصحاب البيوت الذين يناسبهم الاستقرار، ويجدون مُقوّمات الحياة، وتكلم عن أهل الترحال والتنقُّل وما يناسبهم من بيوت خفيفة يحملونها عند ترحالهم. ثم تحدث هنا عن هؤلاء الذين لا يملكون شيئاً، ولا حتى جلود الأنعام. . ماذا يفعل هؤلاء؟
الحق سبحانه جعل لهم الظل يستظِلّون به من وهج الشمس، وجعل لهم من الكهوف والسراديب في الجبال ما يأوون إليه ويسكنون فيه. وهكذا استوعبتْ الآيات جميع الحالات التي يمكن أن يكون عليها بشر، فقد نثر الحق سبحانه نعمه على الناس، بحيث يأخذ كل واحد منهم ما يناسبه من نعم الله.
أما مَنْ لا يملك بيتاً يأويه، وليس عنده من الأنعام ما يتخذ من جلودها بيتاً، فقد جعل الله له الأشجار يستظل بها من حَرِّ الشمس، وجعل له كهوف الجبال تُكِنّه وتأويه.
ونلاحظ هنا أن الآية ذكرتْ الظل الذي يقينا حَرَّ الشمس، ولم تذكر مثلاً البرد؛ ذلك لأن القرآن الكريم نزل بجزيرة العرب وهي بلاد حارة، وحاجتها إلى الظل أكثر من حاجتها إلى الدِّفء.
وقوله:
{ظِلاَلاً. .}[النحل: ٨١] .
الظلال جمع ظِل، وهو الواقي من الشمس ومن إشعاعاتها، وقد يُوصَف الظل بأنه ظِل ظليل. . أي: الظل نفسه مُظلل، وهذا ما نراه في صناعة الخيام مَثلاً، حيث يجعلونه لها سقفاً من طبقة واحدة