للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و «قل» أمر من الله تعالى لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وما دام قد وجد أمر، فلا بد من وجود المبلغ للأمر، أي أن هناك مخاطِباً ومخاطَباً، والمخاطِب هنا هو الله سبحانه، والمخاطَب هو رسول الله صلى الله عليه وسلّم؛ لأن الله تعالى قال له: «قل» ، والبلاغ المطلوب منه إبلاغه للناس هو ما يتضمنه قول المولى سبحانه:

{قُل لِلَّذِينَ كفروا إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] .

أي إن انتهوا عن الكفر غفرت لهم ذنوبهم التي ارتكبوها أيام كفرهم، ونلاحظ هنا اختلافاً في أسلوب الكلام لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين يخاطب الكافرين كان الذي يفرضه السياق أن يقول لهم: إن تنتهوا يغفر لكم؛ لأن الخطاب لا بد أن ينسجم مع المخاطب، وعادة عندما توجه الخطاب لشخص تكون هناك «لام التوجيه» ، تقول: وجهت الخطاب لفلان، وتخاطبه بشكل مباشر، ولكن الله يقول هنا لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:

{قُل لِلَّذِينَ كفروا إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ} [الأنفال: ٣٨] .

وكان سياق الكلام يقتضي القول: إن تنتهوا يغفر لكم، ولكن الله سبحانه وتعالى عدل عن إن تنتهوا إلى «إن ينتهوا» ، والكلام مخاطب به الكفار، والكفار حاضرون فكيف يخاطبهم بصيغة الغائب؟

<<  <  ج: ص:  >  >>