أنت حين تقرأ القرآن في الحقيقة لا تقرأ إنما تسمع ربنا يتكلم، ومعنى {وَأَنْ أَتْلُوَ القرآن}[النمل: ٩٢] يعني: استدم أُنْسك بالكتاب الذي كُلِّفت به، ليدل على أنك من عِشْقك للتكليف، عشقتَ المكلّف، فأحببتَ سماعه، وتلاوة القرآن في ذاتها لذة ومتعة؟ .
فأنا سآخذ من تلاوته لذةَ، وأستديم البلاغ بالقرآن للناس، وبعد ذلك أنا نموذج أمام أمتي، كما قال سبحانه:{لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١] .
يعني: شيء يُقتدى به، وما دام أن الرسول قدوة، فكل مقام للرسول غير الرسالة مَنْ سار على قدم الرسول يأخذ منه، وكذلك مكان كل إنسان في التقوى، على قَدْر اعتباره واقتدائه بالأُسْوة، أما الرسالة فدَعْك منها؛ لأنك لن تأخذها.
ومعنى {اهتدى}[النمل: ٩٢] أي: وصلتْه الدلالة واقتنع بها {فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ}[النمل: ٩٢] لأن الله سيعطيه المعونة، ويزيده هدايةً وتوفيقاً {والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ}[محمد: ١٧] .
إذن: فالهداية والتقوى لا تنفع المشرِّع، إنما تنفع العبد الذي اهتدى.