والفشل هو الجبن، والطائفتان هما «بنو حارثة» من الأوس، «وبنو سلمة» من الخزرج، وهؤلاء كانوا الجناح اليمين والجناح اليسار، فجاءوا في الطريق إلى المعركة وسمعوا كلام المنافق ابن سلول، إذ قال لهم: لن يحدث قتال؛ لأنه بمجرد أن يرانا مقاتلو قريش سيهربون.
وقال ابن سلول المنافق للرسول: لو نعلم قتالاً لاتبعناكم. إلا أن عبد الله ابن حارثة قال: أنشدكم الله وأنشدكم رسول الله وأنشدكم دينكم. فساروا إلى القتال وثبتوا بعد أن همّوا في التراجع.
وما معنى «الهمّ» هنا؟ إن الهم هو تحرك الخاطر نحو عملية ما، وهذا الخاطر يصير في مرحلة ثانية قصداً وعزماً، إذن فالذي حدث منهم هو مجرد هَمّ بخاطر الإنسحاب، لكنهم ثبتوا.
ولماذا ذلك؟ لقد أراد الله بهذا أن يُثبت أن الإسلام منطقي في نظرته إلى الإنسان، فالإنسان تأتيه خواطر كثيرة. لذلك يورد الحق هذه المسألة ليعطينا العلاج. فقال:{إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ} .
وقد قال واحد من الطائفتين: والله ما يسرني أني لم أهم - أي لقد انشرح قلبي لأني هممت - لأني ضمنت أين من الذين قال الله فيهم:{والله وَلِيُّهُمَا} ، وحسبي ولاية الله. لقد فرح لأنه أخذ الوسام، وهو ولاية الله.
وهكذا نلتقط العبر الموحية من الآيات الكريمات حول غزوة أحُد، ونحن نعلم أن هذه الغزوة التالية لغزوة بدر الكبرى. وغزوة بدر الكبرى انتهت بنصر المسلمين وهم قلة في العدد والعُدة، ففي بدر لم يذهب المسلمون إلى