وهكذا يكون العذاب في الدنيا وفي الآخرة، ويَلْقوْن الخِزْي يوم القيامة. والخِزْي هو الهوان والمَذلَّة، وهو أقوى من الضرب والإيذاء؛ ولا يتجلَّد أمامه أحدٌ؛ فالخِزْي قشعريرة تَغْشَى البدن؛ فلا يُفلت منها مَنْ تصيبه.
وإنْ كان الإنسان قادراً على أنْ يكتمَ الإيلام؛ فالخِزْي معنى نفسي، والمعاني النفسية تنضح على البشرة؛ ولا يقدر أحد أنْ يكتم أثرها؛ لأنه يقتل خميرة الاستكبار التي عاش بها الذي بيَّت ومكر.
ويُوضِّح الحق سبحانه هذا المعنى في قوله عن القرية التي كان يأتيها الرزق من عند الله ثم كفرت بأنعم الله؛ فيقول:{وَضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}[النحل: ١١٢] .