قوله سبحانه {إِنَّ فِي ذَلِكَ}[الشعراء: ٦٧] أي: فيما حدث {لآيَةً}[الشعراء: ٦٧] وهي الأمر العجيب الذي يخرج عن المألوف وعن العادة، فيثير إعجاب الناس، ويستوجب الالتفات إليه والنظر فيه، والآية تُقنِع العقل بأن الله هو مُجْريها على يَدَيْ موسى، وتدل على صِدْق رسالته وبلاغة عن الله، وإلا فهي مسألة فوق طاقة البشر.
ومع ذلك {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ}[الشعراء: ٦٧] أي: أن المحصلة النهائية للذين آمنوا كانوا هم القلة مع هذه الآيات، حتى الذين آمنوا مع موسى عليه السلام واتبعوه وأنجاهم الله من آل فرعون ومن الغرق، سرعان ما تراجعوا وانتكسوا، كما يحكي القرآن عنهم:
{وَجَاوَزْنَا ببني إِسْرَآئِيلَ البحر فَأَتَوْاْ على قَوْمٍ يَعْكُفُونَ على أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ ياموسى اجعل لَّنَآ إلها كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}[الأعراف: ١٣٨] .
سبحان الله، لقد كفروا بالله، وما تزال أقدامهم مُبتلَّة من عبور البحر، وما زالوا في نَشوة النصر وفرحة الغلبة!!