وقد جاء لفظ الآيات هنا أكثر من مرة، فقد قال الحق:{وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا} . ويقول أيضاً:{ذلك بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} . ويقول سبحانه:{والذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} .
إذن فالمسألة كلها مناطها في الآيات الكونية للاستدلال على من أوجدها، والإِعجازية للاستدلال على صدق مَنْ أرسل من الرسل، والقرآنية لأخذ منهج الله لتقويم واستواء حركة الإِنسان. {والذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ الآخرة حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ... }[الأعراف: ١٤٧]
ويقال: حبط الشيء أي انتفخ وورم من علة أو مرض. أي أنهم في ظاهر الأمر يبدو لهم أنهم عملوا أعمالا حسنة ولكنها في الواقع أعمال باطلة وفاسدة، وقد يوجد من عمل عملاً حسناً نافعاً للناس، ولكن ليس في باله أنه بفعل ذلك إرضاء لله، بل للشهرة لينتشر ذكره ويذيع صِيتُه ويثني الناس عليه، أو للجاه والمركز والنفوذ. ولذلك حين «سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: من الشهيد؟ . قال:
» من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله «.
لأن الرجل قد يقاتل حمية، أو ليعرف الناس مثلاً أنه شجاع. إذن فهناك من يعمل عملاً ليفتخر به. ويقال مثلاً: إن الكفار هم من اكتشفوا الميكروب وصعدوا إلى الفضاء. ونقول: نعم لقد أخذوا التقدير من الناس لأن الناس كانت في بالهم، ولن يأخذوا التقدير من الله لأنهم عملوا أعمالهم وليس في بالهم الله. والإِنسان يأخذ أجره ممن عمل له، والله سبحانه وتعالى لن يضيع أجر أعمالهم الحسنة، بل أعطى لهم أجورهم في الدنيا، لكن حرث الآخرة ليس لهم. {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا ... }[الشورى: ٢٠]