وتتضمن هذه الآية الكريمة منهجاً ضرورياً من مناهج الدعوة إلى الله، هذه الدعوة التي حملها الرسل السابقون، وختمهم الحق برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وجعلها سبحانه ختماً لاتصال السماء بالأرض؛ لذلك كان لابد من أن يستوعب الإسلام كل أقضية تتعلق بالدعوة إلى الله يحملها أميناً عليها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، والأمة المحمدية. التي شرفها الله سبحانه وتعالى بأن جعل فيها من يحملون أمانة دعوة الله إلى الخلق امتداداً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ فكل مسلم يعلم حكماً من أحكام الله مطلوب منه أن يبلغه لغيره؛ فرب مُبلَّغ أوعى من سامع. حتى وإن كان الله لم يوفقه للعمل بما جاء فيما بلغ. فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، فإذا فاته أن يعمل فالواجب ألا يفوت من يعلم قضية من قضايا دينه ثواب البلاغ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلى الخلق، ولكن عليه أن يعمل ليكون قدوة سلوكية يتأسى به غيره حتى لا يقع تحت طائلة قوله تعالى:{كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ} .
وإن كان بعض الشعراء يلحون على هذه المسألة. فيقولون:
وخذ بعلمي ولا تركن إلى عملي ... واجن الثمار وخلّ العود للنار
إذن فالبلاغ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أمر ضروري، وهو امتداد لشهادة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، أنه بلغ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن الحق مراده من الخلق. وبقي أن يشهد الناس الذين اتبعوا هذا الرسول أنهم بلغوا إلى الناس ما جاءهم عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيداً}[البقرة: ١٤٣] .