بعد أن بين الله تبارك وتعالى. . أن قولهم اتخذ الله ولدا هو افتراء على الله. . أراد الحق أن يلفتنا إلى بعض من قدراته. . فقال جل جلاله:{بَدِيعُ السماوات والأرض} . . أي خلق السموات والأرض وكل ما فيها من خلق على غير مثال سابق. . أي لم يكن هناك سماء أو أرض أو ملائكة أو جن أو إنسان. . ثم جاء الله سبحانه وتعالى وأوجد متشابها لهم في شكل أو حجم أو قدرة. . أي أنه سبحانه لم يلجأ إلى ما نسميه نحن بالقالب.
إن الذي يصنع كوب الماء يصنع أولا قالبا يصب فيه خام الزجاج المنصهر. . فتخرج في النهاية أكواب متشابهة. . وكل صناعة لغير الله تتم على أساس صنع القالب أولا ثم بعد ذلك يبدأ الإنتاج. . ولذلك فإن التكلفة الحقيقية هي في إعداد القالب الجيد الذي يعطينا صورة لما نريد. . والذي يخبز رغيفا مثلا قد لا يستخدم قالبا ولكنه يقلد شيئا سبق. . فشكل الرغيف وخامته سبق أن تم وهو يقوم بتقليدهما في كل مرة. . ولكنه لا يستطيع أن يعطي التماثل في الميزان أو الشكل أو الاستدارة. . بل هناك اختلاف في التقليد ولا يوجد كمال في الصناعة.
وحين خلق الله جل جلاله الخلق من آدم إلى أن تقوم الساعة. . جعل الخلق متشابهين في كل شيء. . في تكوين الجسم وفي شكله في الرأس والقدمين واليدين والعينين. . وغير ذلك من أعضاء الجسم. . تماثلا دقيقا في الشكل وفي الوظائف. . بحيث يؤدي كل عضو مهمته في الحياة. . ولكن هذا التماثل لم يتم على قالب وإنما تم بكلمة كن. . ورغم التشابه في الخلق فكل منا مختلف عن الآخر اختلافا يجعلك قادرا على تمييزه بالعلم والعين. . فبالعلم كل منا له بصمة أصبع وبصمة صوت يمكن