إذن كل هذا الكون لم يضف صفة من صفات الكمال إلى الله. . بل إن الله بكمال صفاته هو الذي أوجد. ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى في حديث قدسي:«يا عبادي لَوْ أَنَّ أولَكُم وَآخِرَكُم وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صعيدٍ واحدٍ، فسألوني، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إنسان مَسْألته ما نقص ذلك مِنْ ملكي شيئا إلا كما يَنْقُصُ المخِيطُ إذا غُمس في البحر. .»
ثم إذا كان لله سبحانه وتعالى زوجة وولد. . فمن الذي وجد أولا؟ . . إذا كان الله سبحانه وتعالى قد وجد أولا. . ثم بعد ذلك أوجد الزوجة والولد فهو خالق وهما مخلوقان. . وإن كان كل منهم قد أوجد نفسه فهم ثلاثة آلهة وليسوا إلها واحدا. . إذن فالولد إما أن يكون مخلوقا أو يكون إلها. . والكمال الأول لله لم يزده الولد شيئا. . ومن هنا يصبح وجوده لا قيمة له. . وحين يعرض الحق تبارك وتعالى هذه القضية يعرضها عرضا واسعا في كثير من سور القرآن الكريم وأولها سورة مريم في قوله تعالى:{وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً}[مريم: ٨٨]
إنه سبحانه منزه عن التماثل مع خلقه. . لا بالذات ولا بالصفات ولا بالأفعال. . كل شيء تراه في الوجود. . الله منزه عنه. . وكل شيء يخطر على بالك فالله غير ذلك. . قوله تعالى:{لَّهُ مَا فِي السماوات والأرض} . . فتلك قضية تناقض اتخاذ الولد لأن كل ما في السموات والأرض خاضع لله. .
قوله تعالى؛ {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} . . أي خاضعون، وهذا يؤكد لنا أن كون الله في قبضة الله خاضع مستجيب اختيارا أو قهرا لأمر الله.