وللتوبة شروط يجب مراعاتها، وهي: أن تُقلِع عن الذنب الذي تقع فيه، وأن تندم على ما بدر منك، وإنْ تنوي وتعزم عدم العودة إليه مرة أخرى. وليس معنى ذلك أنك إنْ عُدْتَ فلن تُقْبلَ منك التوبة، فقد تتعرض لظروف تُوقِعك في الذنب مرة أخرى.
لكن المراد أنْ تعزم صادقاً عند التوبة عدم العَوْد، فإنْ وقعت فيه مرة أخرى تكون عن غير قَصْد ودون إصرار. وإلاّ لو دبرتَ لهذه المسألة فقُلْت: أذنب ثم أتوب، فمن يُدرِيك أن الله تعالى سيمهلك إلى أن تتوبَ؟ إذن: فبادر بها قبل فَوات أوانها.
هذه إذن شروط التوبة إنْ كانت في أمر بين العبد وربه، فإنْ كانت تتعلق بالعباد فلا بُدَّ أنْ يتوفّر لها شرط آخر وهو رَدُّ المظالم إلى أهلها إنْ كانت ترد، أو التبرع بها في وجوه الخير على أنْ ينويَ ثوابها لأصحابها، إنْ كانت مظالم لا تُردُّ.
ثم يقول تعالى بعدها:{وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً}[مريم: ٦٠] معنى: وآمن بعد أنْ تاب، تعني أن ما أحدثه من معصية خدش إيمانه، فيحتاج إلى تجديده. وهذا واضح في الحديث الشريف:
«لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» .
فساعةَ مباشرة هذه المعاصي تنتنفي عن الإنسان صفة الإيمان؛