لأن إيمانه غاب في هذه اللحظة؛ لأنه لو استحضر الإيمان وما يلزمه من عقوبات الدنيا والآخرة ما وقع في هذه المعاصي.
لذلك قال:(وَآمَنَ) أي: جدَّد إيمانه، وأعاده بعد توبته، ثم {وَعَمِلَ صَالِحاً}[مريم: ٦٠] ليصلح به ما أفسده بفعل المعاصي.
والنتيجة:{فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً}[مريم: ٦٠] وفي موضع آخر، كان جزاء مَنْ تاب وآمن وعمل صالحاً:{فأولئك يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}[الفرقان: ٧٠] .
فلماذا كُلُّ هذا الكرم من الله تعالى لأهل المعاصي الذين تابوا؟ قالوا: لأن الذي أَلِفَ الشهوة واعتاد المعصية، وأدرك لذَّته فيها يحتاج إلى مجهود كبير في مجاهدة نفسه وكَبْحها، على خلاف مَنْ لم يتعوّد عليها، لذلك احتاج العاصون إلى حافز يدفعهم ليعودوا إلى ساحة ربهم.
لذلك قال سبحانه:{فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة}[مريم: ٦٠] دون أنْ يُعيَّروا بما فعلوه؛ لأنهم صَدَقُوا التوبة إلى الله {وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً}[مريم: ٦٠] وبقدر ما تكون التوبة صادقة، والندم عليها عظيماً، وبقدر ما تلوم نفسَك، وتسكب الدمْع على معصيتك بقدر ما يكون لك من الأجر والثواب، وبقدر ما تُبدَّل سيئاتك حسناتٍ. وكُلُّ هذا بفضل الله وبرحمته.
ثم يقول الحق سبحانه:{جَنَّاتِ عَدْنٍ التي وَعَدَ الرحمن}