إنه مالك الملك، كل شيء له وبه وملكه، وإليه يُرجع كل أمر. ونحن نعلم أن القرآن الكريم قد نزل من عند الله بقراءات متعددة وقد ورد وفي بعضها (تَرجِعُ الأمور) بفتح التاء بالبناء للفاعل، وفي قراءة أخرى:(ترجِعُ الأمور) بضم التاء بالبناء للمفعول، وكذلك (ترجعون) تأتي أيضا بضم التاء وفتحها، وكلها - كما قلنا - قراءات من عند الله.
وعندما يقول الحق:{وَإِلَيْه ترْجَعُونَ} بفتح التاء فمعنى ذلك أننا نعود إليه مختارين؛ لأن المؤمن يُحبُّ ويرغب أنْ يصل إلى الآخرة، لأن عمله طيب في الدنيا، فكأنه يجري ويسارع إلى الآخرة، ومرة يقول تعالى:{وَإِلَيْه تُرْجَعُونَ} بضم التاء. وهذا ينطبق على الكافر أو العاصي. إنّ كُلاًّ منهما يحاول ألا يذهب إلى الآخر، لكن المسألة ليست بإرادته، إنه مقهور على العودة إلى الآخرة ولذلك نجد التعبير القرآني:{يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}[الطور: ١٣]
هناك من يدفعهم إلى النار دفعا. وفي حياتنا - ولله المثل الأعلى - نجد الشرطي يمسك بالمجرم من ملابسة ويدفعه إلى السجن. . ذلك هو الدع. وهكذا يكون قول الحق:{وَإِلَيْه تُرْجَعُونَ} بضم التاء وفتح الجيم، أي أنه مدفوع بقوة قاهرة إلى النهاية. أما المؤمن الواثق فهو يهرول إلى آخرته مشتاقا لوجه ربه.
وعندما تقرأ {وإلى الله تُرْجَعُ الأمور} . قد يقول قائل: ومتى خرجت الأمور منه حتى ترجع إليه؟ ونقول: حين خلق الله الدنيا، خلقها بقهر تسخيري لنفع الإنسان، وجعل فيها أشياء بالأسباب، فإن فعل الإنسان السبب فإنه يأخذ المسبب - بفتح الباء - المشددة، فالشمس تشرق علينا جميعا، والضوء والدفء والحرارة، هي - بأمر الله - للمؤمن والكافر معا، ولم يصدر الله لها أمرا أن تختص المؤمن وحده بمزاياها، والهواء لا يمر على المؤمن وحده، إنما يمر على المؤمن والكافر، وكذلك الماء، والأرض يزرعها الكافر فيأخذ منها الثمار، ويزرعها المؤمن كذلك.
إذن ففي الكون أشياء تسخيرية، وهي التي لا تدخل فيها طاقة الإنسان، وهناك