أي: فأنجينا نوحاً عليه السلام {وأَصْحَابَ السفينة ... }[العنكبوت: ١٥] هم الذين يركبون معه فيها، فهم أصحابها، وقد صُنعت من أجلهم، لم يصنعها نوح لذاته، إنما صنعها لقومه الذين تعجَّبوا من صناعته لها وسَخروا منه واستهزأوا به، فهم أصحابها في الحقيقة، مَنْ آمن منهم ركب فيها، ومَنْ كفر أبى وأعرض، فكانت نهايته الغرق.
ونفهم من هذه القضية أن الحق سبحانه حينما يطلب من المؤمن شيئاً يعطيه لمَنْ لا يجد ذلك الشيء، سواء كان عِلْماً أو مالاً أو قدرة. . إلخ افهم أنها حق له، وليستْ تفضلاً عليه، فلما صنع نوح السفينة جعلها الله من حق القوم فقال {وأَصْحَابَ السفينة ... }[العنكبوت: ١٥] فهي حقٌّ لهم، فليس المراد منها أن يصنعها مثلاً، ويُؤجرها لهم، لا بل هو يصنعها من أجلهم.
وكذلك قوله تعالى:{والذين في أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ}[المعارج: ٢٤] وقد ورد هذا الحق في المال مرتين في القرآن الكريم، مرة {حَقٌّ مَّعْلُومٌ}[المعارج: ٢٤] ، ومرة أخرى {حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ والمحروم}[الذاريات: ١٩] دون أن يحدد مقداره، ودون أنْ يُوصف بالمعلومية.
وقد سمَّاهما الله حقاً، فالمعلوم هو الزكاة الواجبة في مقام