قبل أن يطلب منا سبحانه ألا نفتتن بالشيطان، أوضح أنه قد رتب لنا كل مقومات الحياة، وعلينا أن نتذكر موقف الشيطان، من أبينا آدم وإِغواءه له.
والفتنة في الأصل هي الاختبار، وتُطلق - أحياناً - على الأثر السيء حيث تكون أشد من القتل، لكن هل يسقط الإِنسان في كل فتنة؟ لا؛ لأن الفتنة هي الاختبار، وفي الاختبار إما أن ينجح الإِنسان، وإمّا أن يرسب، فإن نجح أعطته الفتنة خيراً وإن رسب تعطه شرًّا.
وبعد أن ذكر الحق سبحانه وتعالى قصة خلق آدم، وأعلمنا أنه خلقه للخلافة في الأرض، وأن موضوع الجنة هو حلقة مقدمة لتلقي الخلافة؛ لأنه إذا ما أصبح خليفة في الأرض؛ فلله منهج يحكمه في كل حركاته، ومادام له منهج يحكمه في كل حركاته فرحمة به لم ينزل الله للأرض ابتداءً ليتلقى المنهج بدون تدريب واقعي على المنهج، فجعل الجنة مرحلة من مراحل ما قبل الاستخلاف في الأرض، وحذره من الشيطان الذي أبى أن يسجد له، وأراد منه أن يأخذ التجربة في التكليف. وكل تكليف محصور في «افعل كذا» و «لا تفعل كذا» ؛ لذلك شاء الله أن يجعل له في الجنة فترة تدريب على المهمة؛ لينزل إلى الأرض مباشراً مهمة الخلافة بعد أن زود بالتجربة الفعلية الواقعية، وأوضح له: أَنْ كُلْ مِنْ كُلِّ ما في الجنة، ولكن لا تقرب هذه الشجرة. و «كُلْ» أَمْرٌ، و «ولا تقرب» نَهْيٌّ. وكل تكليف شرعي هو بين «لا تفعل» وبين «افعل» .