أي أظننتم أنكم تدخلون الجنة بدون ابتلاءات تحدث لكم؟ إن الحق سبحانه ينفي هذا الظن ويقول: ليس الأمر كذلك، بل لابد من تحمل تبعات الإيمان، فلو كان الإيمان بالقول لكان الأمر سهلا، لكن الذي يُصَعِبُ الإيمان هو العمل، أي حمل النفس على منهج الإيمان. لقد استكبر بعض من الذين عاصروا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يقولوا:«لا إله إلا الله» لأنهم فهموا مطلوبها؛ لأن الأمر لو اقتصر على مجرد كلمة تقال بلا رصيد من عمل يؤديها، لكان أسهل عليهم أن يقولوها، لكنهم كانوا لا يقولون إلا الكلمة بحقها، ولذلك أيقنوا تماما أنهم لو قالوا:«لا إله إلا الله» لانتهت كل معتقداتهم السابقة، لكنهم لم يقولوها؛ لأنهم أبوا وامتنعوا عن القيام بحقها وأداء مطلوبها.
إن الحق يقول:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البأسآء والضرآء} فما العلاقة بين هذه الآية وما سبق من الآيات؟ لقد كان الحديث عن بني إسرائيل الذين حسبوا أنهم يدخلون الجنة بدون أن يبتلوا، وصارت لهم أهواء يحرفون بها المنهج. أما أمة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فعليهم أن يستعدوا للابتلاء، وأن يعرفوا كيف يتحملون الصعاب.
ونحن نعرف في النحو أن هناك أدوات نفي وجزم. ومن أدوات النفي «لم» و «لما» فعندما نقول: «لم يحضر زيد» فهذا حديث في الماضي، ومن الجائز أن يحضر الآن. ولكن إذا قلت:«لما يحضر زيد» فالنفي مستمر حتى الآن، أي أنه لم يأتي حتى ساعة الكلام لكن حضوره ومجيئه متوقع. ولذلك يقول الحق: