ونعرف أننا ساعة نسمع قول الحق:{أَلَمْ تَرَ} . فهنا همزة استفهام، وهنا أداة نفي هي «لم» ، وهنا «تر» ومعناها أن يستخدم الإنسان آلة الإبصار وهي العين. فإذا ما قال الله لرسوله:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الكتاب يُدْعَوْنَ إلى كِتَابِ الله لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يتولى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ} . إن هذه دعوة لأمر واضح. لكن في بعض الأحيان تأتي {أَلَمْ تَرَ} في حادث كان زمانه قبل بعثته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فلم يره رسول الله كقول الحق: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفيل}[الفيل: ١] .
إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم ير أصحاب الفيل، إذن فساعة تسمع {أَلَمْ تَرَ} إن كان حدثها من المعاصر، فمن الممكن أن تكون رؤية، والرؤية تؤدي إلى علم يقين، لأنها رؤية لمشهود وإن جاءت {أَلَمْ تَرَ} في أمر قد حدث من قبل، أو أمر لما يحدث بعد فهي تعني «ألم تعلم» ؛ لأن الرؤية سيدة الأدلة، فكأن الله سبحانه وتعالى ساعة يقول لرسوله في حدث لم يشهده الرسول: ألم تر؟ فهذا معناه: ألم تعلم؟
وقد يقول قائل: ولماذا لم يأت ب «تعلم» وجاء ب «تر» ؟ لأن سيادة الأدلة هو الدليل المرئي، فكأن الله يريد أن يخبرنا ب {أَلَمْ تَرَ} أن نأخذ المعلومة من الله على أنها